ويقع الكتاب الجديد في مجلدين مذهبين استهلكا (1400 )صفحة من القطع الكبير , وهذا مايفسرلنا ان محققه امضى ست سنوات من العمل الصامت الدؤوب , حتى صدر هذا الكتاب الجليل الشأن, في حلة نضرة قشيبة خالية من الاخطاء والأوهام , والشطط النحوي والسقط المخل بالمعنى , أو التسرع بالنقل.‏ 

وبهذه المناسبة الطيبة ..كان لي اللقاء التالي مع الاستاذ الدكتور ابراهيم محمد عبد الله :‏

- أهمية هذا الكتاب في المكتبة العربية‏ 

--في البداية اذكر بأن الكتاب (الإيضاح في شرح المفصل ) طبع في مطبعة العاني في بغداد , وحققه المرحوم الدكتور موسى بناي العليلي , إلا أن هذه الطبعة الحديثة وقع فيها تصحيف وتحريف وسقط كثير , ولم تنل من التوثيق العلمي إلا القليل .‏ 

يكتسب هذا الكتاب أهميته من أمرين الأول مؤلفه وهو ابن الحاجب (570¯646ه¯) والثاني أنه شرح لكتاب (المفصل )للزمخشري .أما مؤلف الكتاب ابن الحاجب فهو احد النحوين المشهورين في القرنين السادس والسابع الهجريين , والذين تؤخذ آراؤهم النحوية على محمل الجد والاهتمام , وخاصة عند أبي حيان الأندلسي , وابن هشام الأنصاري , إذ لقيت آراؤه النحوية عند هذين النحويين اهتماما بالغا , فأورداها تارة مستشهدين بها , ونقداها تارة وقوياها , وابن الحاجب هذا جمع بين علوم شتى كالنحو والصرف والفقه وأصوله , فقد كان فقيه المالكية في وقته , وذا علم جم في أصول الفقه , وألف في هذه العلوم مصنفات راجت في الأوساط العلمية قديما وحديثا .‏ 

ومن هنا تبدو أهمية كتاب الإيضاح الذي صدر عن دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع بدمشق , فصاحبه يقبل بهمة عالية على شرح المسائل النحوية بعقلية الفقيه , وطبيعي ان يأتي أسلوبه في بسط مسائل النحو متأثرا بالفقه والأصول , لأن الإنسان لايستطيع أن يخرج عن ثقافته ,وهذا الذي كان , فآثار هذين العلمين ظاهرة في كتاب (الإيضاح) وخاصة عندما يريد ابن الحاجب تقريب المسألة النحوية التي هو بصددها وقد كان لعلم آخر اثر في كتاب (الإيضاح) , ألا وهو علم المنطق , إذ بدت عقلية ابن الحاجب في هذا الكتاب تستند استنادا بارزا على المحاكمة

العقلية المجردة وتجنح إلى التقسيم والافتراض والتخيل وبناء المسائل بعضها على بعض.‏ 

أما الأمر الثاني الذي يستمد منه هذا الكتاب أهميته,. فهو أنه شرح لكتاب (المفصل) للزمخشري , وهذا الكتاب هو أحد الكتب المشهورة في تاريخ النحو العربي , ومعدود في الكتب التعليمية , التي ذاع صيتها في بلاد المشرق وخاصة فيما

وراء النهرين .‏ 

- لمن توجهت بهذا الكتاب?‏

-- ان هذا السفر الذي صنفه ابن الحاجب يدرس المسائل النحوية دراسة مستفيضة , ويقف عند المسائل النحوية فيشبعها بحثا ,ويعرض لآراء النحاة الأعلام ويرد عليها تارة ويقويها طورا , ومن هنا فهو مصدر للباحثين المتخصصين في مضمار النحو والصرف , ولايصلح أن يحال عليه طلاب الجامعة في دراستهم الجامعية الاولى.‏ 

-ماهو منهجكم بالتحقيق?‏ 

-- يتميز منهجي بفهم عبارة ابن الحاجب وضبطها وبالاعتماد على مخطوطتين نفيستين . الأولى نسخة الأصل وهي محفوظة في المكتبة الأحمدية في حلب , وهي تامة تتألف من 351 ورقة جيدة قديمة, قريبة من عهد المؤلف نسخت سنة684ه¯, والمخطوطة الثانية هي نسخة المكتبة الظاهرية بدمشق , تامة , تتألف من 252 ورقة , جيدة , مضبوطة ,

عليها تعليقات وحواش نسخت سنة 792ه¯ في حلب , بالإضافة إلى النسخة المطبوعة في بغداد , ولاشك أن محققها الدكتور موسى حاز قصب السبق.‏ 

قمت برد الآراء النحوية إلى أصحابها والتثبت من نسبتها إليهم , وبتوثيق المسائل النحوية من مصادرها وبتخريج الشواهد الشعرية والقرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة , وصنع فهارس فنية يزيد عددها على اثني عشر , لإعانة القارىء الكريم للوقوف على ضالته ومايهمه في هذا الكتاب .