حوار مع المفكر الإسلامي يوسف العظم

حوار مع المفكر الإسلامي يوسف العظم:

أجرى الحوار : نجدت كاظم لاطة - عمـان  

الأستاذ يوسف العظم أحد أعلام الفكر الإسلامي المعاصر، وقد سـاهم فــي العديد من المجالات الفكرية و الدعوية والأدبية، وألّف كتباً أثرى بها المكتبة الإسلامية, و لا زلتُ أتذكر كتابه الرائع "المنهزمون" و كتابه المتميّز عن سيد قطب. والأستاذ يوسف  شاعر مرموق, ولطالما غنى بشعره للأقصى السجين. و كان آخر مرة التقيت به في أيام الثمانينيات، حيث كانت الروح الشبابية تسري في عروقه، فتراه على المنابر فـي المساجد و المراكز الثقافية والمهرجانات المختلفة، يوّجه جيل الشــباب تارة، و يحذرهم من المؤامرات التي تحاك للإسلام و المسلمين تارة أخرى. أما الآن فقد التقيته و قد علاه  كبر السن و المرض، مما جعلاه ينزوي في بيته و يبتعد عن تلك المنابر.

       وقد كان لنا شرف اللقاء به والتحدث إليه:

  جيل الشباب

  ·  كما تعلمون أن جيل الشباب استطاع أن يشارك في  أشكال الثقافة الجديدة الناجمة عن الثورة المعلوماتية  ( الكمبيوتر والإنترنت ) أما جيل القيادات الحالية ( وهو في الغالب تجاوز الستين من العمر ) فلم يكن حظه وافراً من ذلك, وهذا يعني أن جيل الشباب هو الأقدر على صياغة الخطاب الإسلامي المعاصر, ما رأيكم بذلك؟

      ـ  هذا صحيح وليس فقط صياغة الخطاب الإسلامي, بل عليه أن يقود العمل الإسلامي, والجيل الجديد من الشباب الإسلامي في مصر هم الذين يقودون النقابات, وحتى في الأردن معظم النقابات بأيدي الشباب الإسلامي.

·       لكن نرى في الواقع أن جيل الكبار هو الذي بيده زمام الأمور.

      ـ  في الحقيقة لا يمكن الاستغناء عن الجيلين, جيل الكبار يعطي حكمته وخبرته, وجيل الشباب يعطي نشاطه وحيويته, والاثنان في تلاحم تام.

  ·  لكن توجد في الساحة الإسلامية مطالبة متكررة  بضرورة تولي القيادات الشابة للعمل الإسلامي باعتبارها هي الأفضل للحركة في هذه المرحلة،  وخير مثال على ذلك ما حدث في تركيا حين تولى أردوغان قيادة حزب العدالة والتنمية.

      ـ  الحقيقة أن جيل الشباب هو المتحكم في العمل الإسلامي, وهو الذي يقوم بدور التنفيذ, والشباب عندنا أو في مصر أو في أي مكان هم الذين يديرون العمل الإسلامي.

  ·  ما رأيكم بالتنازلات الكبيرة التي قدمها حزب العدالة والتنمية  للحفاظ على وجوده واستمراريته في السلطة؟         

ـ  لم يقدّم تنازلات, وأعتقد أنـه كـان ناجحاً وموفقاً بحيث احتال علــى

 الموقف، لأن تركيا منذ كمال أتاتورك, تحكم بروح أتاتورك, وكل رئيس جديد يضع صورة أتاتورك، أي أن أتاتورك ما زال يحكم في تركيا, فلا بد من وجود حزب يحتال على الموقف.

·       ولكن أردوغان ذكر بأنه لن يتخلّ عن المنهج العلماني.

      ـ هذه ألفاظ وكلمات ولكن سوف يعمل غير ذلك.

·       هل هو تكتيك جديد للحركة الإسلامية؟

      ـ نعم هو تكتيك جديد, والعسكر سكتوا ولم يفعلوا شيئاً، وهذا التكتيك سوف يؤتي ثماره ولو بعد حين.

·       وهل هذا التكتيك الجديد غائب عن الحركات الإسلامية في البلاد العربية؟

      ـ في البلاد التـي يحكمها الملوك والأمراء يصعب تطبيق ذلك, ولكن في البلاد التي نظامها جمهوري ممكن ذلك.

    دور المرأة الملتزمة في العمل الإسلامي

 ·  العمل الإسلامي لم يُعطِِِِِ ـ في السابق ـ للمرأة الملتزمة الداعية  حقها في العمل الدعوي، والآن أصبح الوضع لا يحتمل غيابها. ماذا تقولون في ذلك؟

      ـ يوجد الآن تفكير جديد ووعي ناضج في هذه القضية، وفي حزب جبهة العمل الإسلامي فــي الأردن يوجد فيه قطاع نسائي نشط.

  ·  الأخت أروى الكيلاني رئيسة هذا القطاع ذكرت ـ في مقابلة لها ـ أن القطاع النسائي مازال ضعيفاً, وأن الأخوات ـ وكذلك الإخوة ـ ما زالوا بحاجة إلى توعية أكثر نضوجاً وفهماً لعمل المرأة الدعوي.

      ـ  مازال القطاع النسائي ليس كما نريد, ونطالب بالمزيد، وعلى القائمين على هذا القطاع فتح الباب أكثر لدور المرأة.

  ·  بصراحة أكثر يا أستاذ يوسف لماذا لا يوجد عندنا مثيلات لـ (توجان الفيصل) أو غيرها ممن يشاركن في أنشطة المجتمع من منطلق غير إسلامي؟

      ـ توجان الفيصل تستطيع التحرك في المجتمع دون مراعاة الضوابط الشرعية لعمل المرأة, أما المرأة الملتزمة فهي منضبطة بضوابط الشرع, ولا تتحرك إلا من خلال هذه الضوابط, لذا كانت حركتها أقل من توجان الفيصل أو غيرها.

  ·  ألا يوجد متّسع للمرأة الملتزمة لتوسيع دائرة مشاركتها في المجتمع، لأنه كما نعلم أن المرأة الصحابية كانت تشارك حتى في ساحة الجهاد؟

      ـ موضوع اختلاط المرأة الملتزمة يحتاج إلى دراسة فقهية وإلى فتاوى من العلماء والمشايخ, يتم من خلالها معرفة المسموح به وغير المسموح, بحيث يكون الاختلاط منضبطاً غير مبتذل.

  ·  المتتبع لصحفية " السبيل " الأردنية ( وهي صحفية الاتجاه الإسلامي في الأردن ) يُلاحظ قلة في عدد الكاتبات , أما بقية الكتّاب فكلهم ذكور. ألا يدل هذا على تقصير كبير فـي جانب الإعلام فيما يخص النسـاء الملتزمات؟

      ـ  الإسلام لا يمنع المرأة من أن تكون كاتبة و صحفية و فقيهة و طبيبة، ولكن هناك تقصير من قبل النساء و القائمين على العمل الإسلامي.

     الأولويات في العمل الإسلامي

           نرى الكل يتحدّث عن الأولويات فـي العمل الإسـلامي، ولكن عند التطبيق في واقع الحياة لا نرى شيئاً  لهذه الأولويات، و تعود النظرة الشخصية إلى السيطرة على العمل الإسلامي. ما رأيكم بذلك ؟

      ـ للشيخ يوسف القرضاوي جزاه الله خيراً دراسة خاصة عن الأولويات ويمكن الاستفادة منها، و من الضروري توسيع دائرة الأولويات حتى تشمل كل شيء و تطبّق في واقع الحياة. و أنا أرى أن أولى الأولويات الانفتاح على الجماهير بشكل واسع، و هذا موجود في الحركات الإسلامية في هذه المرحلة ولكن بحاجة إلى المزيد. و من الأولويات أيضاً انطلاق المرأة الملتزمة نحو التخصص في الإعلام و الصحافة و المحاماة و سائر التخصصات.

النشيد الإسلامي

·       هل أنتم راضون عن مستوى النشيد الإسلامي؟

      ـ لا، لسـت راضياً عن مسـتواه، ولكن إذا رجع المنشــد أبو راتب  من أمريكا فسوف يحييه ـ إن شاء الله ـ من جديد. و نحن كنا قد أقمنا عدة مهرجانات للأنشودة الإسلامية في الأردن في مدارس الأقصى، والآن النشيد بحاجة إلى التجديد و التطوير.

·       الملاحظ أن النشيد الإسلامي لا يوجد فيه غزل أو المعاني العاطفية. ماذا تقولون في ذلك؟

       ـ لا بأس أن يكون هناك غزل في الأناشيد و خصوصاً في الأعراس ولكن أن يكون الغزل عفيفاً.

 ·  المشكلة أن الأعراس الإسلامية لا يوجد فيها إلا الأناشيد الوعظية والروحية و الجهادية، و أنا لا أدري كيف سيدخل العريس على عروسه بعدما سـمع كمّاً هائلاً من هـــذه الأناشيد؟

      ـ  يمكن أن يكون في أناشيد الأعراس شيء من العاطفة النظيفة البعيدة عن الإسفاف و التخنث و الميوعة.

·       ما رأيكم بأن ننشىء فرقاً نسائية خاصة بالنشيد، تحيي الأعراس والمهرجانات الخاصة بالنساء؟

      ـ  أنا أوافق على ذلك، ولكن أن تكون المعاني التي ينشدونها هادفة وجميلة، و تكون الألحان فيها بعيد عن الإسفاف و الابتذال.

      الفضائيات الإسلامية

 ·  لماذا لا تعمل الحركات الإسلامية على إنشاء قنوات فضائية إسلامية، وخصوصاً أن هناك مناطق إعلامية حرّة في البلاد العربية؟

      ـ نحن بحاجة إلى قنوات فضائية إسلامية و لكن المشكلة في الإمكانيات المالية، و ليس باستطاعة الحركات الإسلامية أن تموّل هذه الفضائياتo