حسني أدهم محمود جرار

حسني أدهم محمود جرار

حوار : محمد صالح حمزة

حسني أدهم جرار

انسلخ حين الدّهر كلّت فيه أُذن الدّنيا فلم تسمع بشيء اسمه (الأدب الإسلامي).. فكان لابد من جهد، غير قليل، يُصحح هذا الخلل الفظيع.. فتهيّب الكثير من الرّجال التّعرّض لهذه المهمة الكبيرة..

حتّى قيّض الله لها فارسين مثابرين بذلا من الجهد ما يقوم بهذه المهمة على ضخامتها؛ هما الأستاذان  الفاضلان: حسني جرار وأحمد الجدع.. فأعادا للأدب الإسلامي -عبر رحلة شاقّة- وجهَه المشرق ومكانته اللائقة.. فكانت سلسلة /شعراء الدّعوة الإسلامية/ بأجزائها العشرة من أفضل ما أُهدي للمكتبة العربية-الإسلامية.. وهو جهد واحد من عطاء ثرّ لهما في ميدان الأدب والفكر.

في هذه الحلقة والتي تليها –بإذنه تعالى- نصحب هذين الأستاذين الفاضلين.

بتواضعه اللافت، وأدبه الجم، خصّ الأديب المربّي حسني جرّار قرّاء اللواء بالحديث عن تجربته الغنيّة والمتميّزة في ساحة الأدب والفكر..

فإلى هذا المعين الصافي القُراح:

 

هل لكم أن تُقدّموا للقرّاء بطاقتكم الشّخصيّة؟

الاسم: حسني أدهم محمود جرّار.

من مواليد صافور التّابعة لمحافظة جنين بفلسطين-عام 1933.

أحمل الليسانس في اللغة العربية وآدابها ودبلوم عامّة وخاصّة في التّربية وعلم النّفس. عملتُ في التّدريس في الأردن والسّعوديّة وقطر.

وبالنسبة لنشاطكم الثّقافي؟

عضو في رابطة الأدب الإسلامي، وعضو في اتّحاد الكتّاب الفلسطينيين في الدّوحة، وعضو في جمعيّة الحضارة والثقافة الإسلامية في عمّان.

وأهمّ إنتاجاتكم الأدبية والفكرية؟

صدر لي – بعون الله -  ما يزيد على عشرين كتاباً في الفكر والتربية، منها: الأخوّة والحب في الله - الدّعوة إلى الإسلام - القدوة الصّالحة - شعراء الدّعوة الإسلاميّة في العصر الحديث (بالاشتراك) - أناشيد الدّعوة الإسلامية - الحاج أمين الحسيني.. رائد جهاد وبطل قضيّة - الشهيد عبد الله عزّام.. رجل دعوة ومدرسة جهاد - نكبة فلسطين عام 47/48 - الجهاد الإسلامي المعاصر - الدّكتور مصطفى السّباعي.. قائد جيل ورائد أمّة... الخ.

الإنتاج الذي تعتزّون به أكثر من غيره.. ولماذا؟

إنّي أعتزّ بجميع كتبي، ولا أفرّق بين كتاب وكتاب.. لأنّها كتب هادفة، وكلّ مجموعة أو سلسلة منها تخدم جانباً معيّناً.. فالكتب الفكرية والتربوية تهدف إلى تربية الشّباب على القيم الإسلامية الأصيلة التي تعمل على بناء الشّخصيّة الإسلامية والمجتمع الإسلامي..

والكتب الأدبية تهدف إلى التّعريف بشعراء الدّعوة، ونشر الشّعر الإسلامي واختيار أجمل ما فيه، ووضعه بين أيدي الأجيال المؤمنة، لتنهل من مناهله العذبة النّظيفة..

والكتب التاريخية تهدف إلى دراسة التاريخ المعاصر للقضية الفلسطينية وتصحيح كثير من المعلومات التي زوّرها المزوّرون.. كما تهدف إلى التعريف بأعلام الجهاد والحركات الجهادية المعاصرة في فلسطين وفي البلدان الإسلامية.. هؤلاء الأعلام الذين أحيوا فريضة الجهاد، ونقلوها من صفحات الكتب إلى ميادين القتال.

 

العمل الحالي

كاتب ومؤلف ومستشار ثقافي لدار البشير، ورئيس تحرير مجلّة أروى للأطفال.

 

آمال عزمتم على تحقيقها، ماذا تحقّق منها، وما الذي لم يتحقق بعد؟

بدأت الكتابة في عدد من الموضوعات، والنّيّة مواصلة الكتابة فيها وهي:

ـ سلسلة "أعلام الجهاد في فلسطين".. صدر منها أربعة كتب، وأرجو الله تعالى أن يُعينني على الكتابة عن بقيّة هؤلاء الأعلام المجاهدين.

ـ سلسلة "من تاريخ الجهاد في العصر الحديث".. صدر منها الكتاب الأول، وإن شاء الله سوف أصدر كتاباً عن كلّ حركة من الحركات الجهاديّة في العالم الإسلامي.

ـ سلسلة "أعلام المسلمين في العصر الحديث".. صدر منها الكتاب الأول.. وسوف أتابع إصدارها بمشيئة الله.

ـ سلسلة "شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث".. سوف نقوم بإصدار السلسلة من جديد، ونخرجها بحُلّةٍ جديدة بحيث تكون طوراً متقدّماً للسلسلة السابقة، وسوف نُضيف إليها أجزاء جديدة إن شاء الله، تتضمّن شعراء جدداً برزوا في ساحة الشّعر الإسلامي في هذه السّنين.

 

الساحة الأدبية تعجّ بأدعياء الأدب، ورافعي راية الحداثة، كيف تنظرون إلى هذا الواقع.. وماذا تقولون لهؤلاء؟

السّاحة في هذه الأيام تشجّع هؤلاء الأدعياء.. فالصّحف تفتح صفحاتها لأدبهم الذي ينقصه الأدب، والمذياع والتلفاز يفتح أبوابه لكثير منهم، والكتّاب يكتبون عنهم وعن أدبهم.. إنّه لواقع مؤلم أن يكون في بلادنا من يرفع راية الحداثة، ومن يُروّج لها..

إنّ الحداثة مذهب فكري وأدبي علماني غربي.. يعني إحداث تغيير وتجديد في المفاهيم السائدة والمتراكمة عبر الأجيال، فهي مذهب يدعو إلى التّمرد على الواقع بكلّ جوانبه السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة. وقد امتدّت الحداثة إلى العالم الإسلامي، وتسلّلت إلى الفكر والأدب، لتقلب كلّ التّصورات عن الكون والحياة والإنسان. وكان من أهمّ أسباب امتدادها هو انحراف المسلمين عن نهج الإيمان..

إنّ نصيحتي إلى رجال الحداثة في بلادنا هي أن يُراجعوا فكرهم ونهجهم ومواقفهم ويردّوها إلى الحقّ الذي نزل من عند الله.. وأن يلتزموا بالأدب الإسلامي الذي ينطق بالكلمة الطّاهرة، ويُساهم في بناء الأمّة، ويحمل الحقّ والخير للنّاس جميعاً.

 

أعداء الإسلام يتّهمون ألإسلاميين باحتكار الحقيقة.. وبالتالي نفي الآخر.. كيف تردّون على هذه الفرية، وما هو حكم الإسلام تجاه الرّأي الآخر؟

إنّ اتّهام الإسلاميين باحتكار الحقيقة خطأ كبير.. فالإسلاميون أكثر النّاس انفتاحاً على غيرهم من أصحاب الاتجاهات الأخرى، داخل الوطن العربي وخارجه.. وهم يدعون دائماً إلى الحوار والنّقاش في النّدوات والمؤتمرات والمحاضرات، والمقالات والمقابلات الصّحفيّة، وفي كلّ مجال متاح لهم..

والإسلام يحترم الرّأي الآخر ويُحاوره ويُناقشه للوصول إلى الحقيقة.. وإنّ المناظرات التي يقوم بها علماء الإسلام مع العلمانيين وغيرهم من أصحاب المبادئ والأفكار الأخرى لدليل ثابت على هذا القول.. ويكفي أن نضرب مثلاً واضحاً ينفي هذه التّهمة ويُبيّن مدى التّجنّي على الإسلاميين. وذلك عندما توجّه الدّكتور حسن التّرابي إلى بلاد الغرب ليُحاور قادة الفكر والسياسة في بريطانيا وأمريكا.. وبعد أن تغلّب عليهم في الحوار ماذا عملوا؟! ألم ينقلب الحوار عندهم إلى مؤامرة للقضاء عليه!! فمن الذي يحتكر الحقيقة؟! الإسلاميون أم الآخرون!!

 

الأمّة العربية والإسلامية تمرّ بمرحلة غاية في الدّقة والخطورة.. كيف تنظرون إلى ذلك.. وما هو في رأيكم الدّاء.. وما هو الدّواء؟

العرب والمسلمون يمرّون بمرحلة غاية في الدّقة والخطورة.. تتمثّل في غزو فكري، وفساد أخلاقي، وتدمير اقتصادي، وهجمة شرسة تهدف إلى تمزيق بلدانهم وتقسيمها دويلات هزيلة.. أمّا الدّاء وأسباب وصولنا إلى هذا الحال فهي كثيرة وفي مقدّمتها:

ـ البعد عن الالتزام بالإسلام فكراً وتربية وسلوكاً ومنهاج حياة.

ـ ضياع دولة الخلافة، وتفتيت الأمّة إلى دويلات ضعيفة لا تملك من أمرها شيئاً.

ـ غياب فريضة الجهاد عن واقع الحياة، وتقاعس المسلمين عن النّفير في القضايا المعاصرة كفلسطين وكشمير والفلبّين وإرتيريا والبوسنة والهرسك والشيشان.

وأمّا الدّواء فأبرز عناصره هي:

ـ تربية الجيل على تعاليم الإسلام، وعودة مفاهيم الحياة الصحيحة للأمّة، والتي تجمع بين المدرسة والمعسكر، والمسجد والميدان، وربط الأقوال بالأفعال.

ـ إحياء فريضة الجهاد، ونقلها من صفحات الكتب إلى ميادين القتال.

ـ العمل على أن تكون ثروات الأمّة لأبنائها، وألاّ تكون نهباً للأعداء.