الإصلاحُ الراشدُ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

يُقررُ الإسْلامُ أن الإنْسَانَ محور وجود هذا الكون.. خلقه الله تعالى في أحسن تقويم.. وكرّمه وفضّله على كثير من خلقه.. وحمّله أمانة الاستخلاف في ألأرض.. ومنحه حق الاختيار.. فالناس أحرار فيما يختارون وأحرار فيما يعتقدون لقوله تعالى: " فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ" ومَنَّ الله تعالى على الإنسان بجملة من الكرامات والقداسات لتكون مبادئ تُقَامُ بها مسيرة الحياة الآمنة العادلة منها: 

قُدسيَّةُ حياته لقوله تعالى: " مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ".  قدسيَّةُ حريته لقوله تعالى: " مَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَة فَكُّ رَقَبَةٍ ".  قدسيَّةُ كرامته لقوله تعالى: " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ". قدسيَّةُ اختياره لقوله تعالى:" لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ  ".  قدسيَّةُ ممتلكاته لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ دمَاءَكم وأموالَكم بينكم حرامٌ". قدسيَّةُ سد عوزه وفقره لقوله تعالى:"أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ".قدسيَّةُ وحدة الأسرة البشرية لقوله صلى الله عليه وسلم: "يا أيُها النَّاس إنَّ أبَاكم واحدٌ".قدسيَّةُ وحدة مصدر الإيمان لقوله صلى الله عليه وسلم :"يا أيُها النَّاسُ إنَّ ربَّكم واحدٌ".  قدسيَّةُ العدل لقوله تعالى: " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ". قدسيَّةُ السلام لقوله تعالى: "وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ ". قدسيَّةُ سلامة البيئة لقوله تعالى: "وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها".

أجل هذه إحدى عشرة قداسة قررها ربُّنا جلّ شَأنه.. لِتكونَ المَنْظُومَةَ الدستوريَّةَ الربَّانيَّةَ الخالدةَ.. تُقام بها وعلى أساس منها تُسَاسُ شؤون حياة الأفراد والمجتمعات.. وتٌصرَّف وفقها مَصَالِحُهم.. فهي السبيل الراشد لتعايش بشري عادل وآمن.

وسوم: العدد 810