مذهب ابن خلدون في التربية

[من كتاب: تطوّر مفهوم النظرية التربوية الإسلامية. تأليف: د. ماجد عرسان الكيلاني]

الثواب والعقاب:

clip_image001_da7c8.jpg

يرى ابن خلدون أن الشدة تضر بالمتعلمين، وخاصة الأطفال، لأنها تَذهب بالنشاط وتحمل على الكذب والخبث والمكر وهجر الفضائل. ويمثل لذلك بالخلق اليهودي الذي ساقهم إليه ما تعرضوا له من اضطهاد.

لذلك أوجب أن لا يشتد المعلم أو الوالد في تأديب الطفل، وأن لا يُدخلا عليه الحزن فيموت ذهنه، وألا يفرطا في التساهل فيستحلي الفراغ ويألفه، ولكن يقوّمه المعلم بالقرب والملاينة، فإن أبى ففي الشدة، ولكن شريطة أن لا يضرب ضرباً مبرحاً، ولا يتجاوز الأسواط الثلاثة فمن لم يؤدبه الشرع لا يؤدبه شيء.

مفهوم المنهاج:

قسم ابن خلدون محتويات المنهاج إلى قسمين: علم طبيعي يهتدي إليه الإنسان بفكره. وعلم نقلي يأخذه عمن وضعه. ويهتدي الإنسان بفكره ومداركه البشرية إلى موضوعات القسم الأول ووجوه تعليمه حتى يصل بالتمحيص إلى معرفة الصواب من الخطأ فيه. والقسم الثاني يستند إلى الخبر عن الواضع الشرعي، ولا مجال فيه للعقل إلا في إلحاق الفروع بالأصول لأن الجزئيات المتعاقبة لا تندرج تحت النقل الكلي فتحتاج إلى الإلحاق بالقياس. وأصل هذا النوع من العلم هو الشرع من الكتاب والسنّة، وبها يتعلق بقية العلوم المصاحبة كعلم اللغة والتفسير والقراءات وعلوم الحديث والفقه.

وانتقد تدريس الاختصارات التي لجأ إليها المتأخرون، واعتبرها فساداً في التعليم لأنها تجعل الفهم عسراً وتُربك المبتدئ بإلقاء الحقائق والأصول دون تمهيد، كما أن الألفاظ المُبهمة التي استهدفت إيجاز أكبر كمية من المعاني في أقل عدد من الألفاظ تدفع بالمتعلم إلى البحث عن معانيها، ويصعّب عليه استخراج المسائل من بينها، كما أن الملَكة الحاصلة من أسلوب المختصرات ملكة قاصرة عن الملكات التي تحصل من الموضوعات البسيطة المطولة بكثرة ما يقع في تلك من التكرار والإطالة المفيدين لحصول الملكة التامة.

وسوم: العدد 809