الرئيس الإنسان.. محمد مرسي كما عرفته

clip_image002_66af2.jpg

في عام 2008، اتصل بي الأستاذ إبراهيم منير (القائم بأعمال نائب المرشد العام للإخوان الآن) يطلب مني النصح، بصفتي استشاريا في علاج الأورام. أخبرني أن د. محمد مرسي تم تشخيصه بورم حميد في الغشاء المبطن للمخ، وأن الأطباء في مصر قرروا عدم إجراء جراحة له لخطورة مكان الورم، وأنه في لندن لأخذ الرأي الطبي. عرضت صور الأشعة على بعض الزملاء، واستقر الخيار على اثنين من المستشفيات، أحدهما في لندن والثاني في أكسفورد.

تواصلت مع د. مرسي رحمه الله وأخبرته، فقال: أنا لا يهمني أن أجري الجراحة في مركز كبير أو صغير، المهم أن أعالج على يد من تثق به، وبعد ذلك الأرخص؛ لأن الحالة المادية كما تعلم.

ذهبنا سوية إلي زميلي ريتشارد كر، استشاري جراحة المخ والأعصاب في أكسفورد، واتفقنا على موعد الجراحة، وقبلها بيومين، وعند إجراء التحاليل الروتينية قبل العملية، اكتشفنا لأول مرة إصابة الدكتور محمد بفيروس «سي» الكبدي، وقرر الجراح تأجيل الجراحة حتى يتم علاج الفيروس «سي». وكان رد فعل د. مرسي صابرا على التشخيص الجديد، وإضافة مرض جديد إليه، وتأجيل الجراحة في آخر لحظة، لكنه أيضا كان حزينا لأنه يثقل علينا بالانتقال من طبيب إلى آخر على حد قوله.

وبعد الشفاء من الفيروس «سي»، أُجريت له الجراحة، وأذكر عند إفاقته من التخدير وهو في العناية المركزة، قال لي وللأستاذ ابراهيم: أنا عندي قطعة أرض صغيرة في البلد. بالله عليكم لو مت أرجو بيعها لتصرف على تعليم الأولاد الذين لم ينهوا دراستهم. فابتسمت وقلت له» كدا حمدا لله على السلامة، احنا خلصنا العملية. وتواصلت علاقتنا بعدها في كل متابعة وزيارة للندن.

وبعد الثورة، وكان رئيسا للحزب، جاء في إحدى المتابعات الطبية، وكانت له جولات لزيارة المصريين في مختلف المدن. أذكر أنني صحبته من برمنجهام بعد لقاء امتد إلى المساء؛ إليى مدينة مانشستر، وعلى أطراف المدينة أحسسنا بالتعب، فدخلنا في استراحة على الطريق، وطلب أن نبيت في فندق الاستراحة، وهي غالبا فنادق نجمة واحدة، فطلبت منه أن ندخل المدينة للمبيت في فندق أفضل، فأبى، وكان متعبا جدا. دخلنا إلى مكتب استقبال الفندق، وطلبت حجز غرفتين، فأبي بشدة وقال نبيت معا في نفس الغرفة. قلت يا دكتور هذا فندق رخيص جدا، واسمحلي أن أدفع هذه الفاتورة الرخيصة لغرفتين، فأصر على أن نبيت بنفس الغرفة. بعد صعودنا الغرفة والصلاة خلدت إلى النوم، وإذا به يقوم يصلي صلاة التهجد مع ما فيه من تعب وإجهاد أكثر مني. 

تواصلنا بعدها على الهاتف، وأخبرته عزمي على العودة لمصر، فنصحني بشدة ألا أعود لمصر، وقال إن مصر مليئة بالأكفاء المخلصين من الأطباء، ولكن في إنجلترا لا يوجد «كثير من الأطباء المسلمين الناجحين مثلك. إن الله أقامك هنا لخدمة دينه فلا تترك مكانك».

رحمة الله على الخلوق العابد الإنسان الدكتور محمد مرسي. نحسبه كذلك، والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا.

(جريدة السبيل)

وسوم: العدد 830