أسرار ألوان العيون الغربية

د. عبد الوهاب القرش

clip_image002_012a6.jpg

هل لاحظت يومًا وأنت تتجول في حديقة للحيوانات أو محمية طبيعية وتستمتع برؤية كل نوع فيها، هل راقبت عن كثب ألوان عيون الحيوانات؟!!..مع قليل من التركيز تجد أن الأسد والنمر والفهد والضبع و الذئب وكل حيوان مفترس يأكل لحوم البشر عيونه ملونة، أما الغزال والزرافة وحمار الوحش والبقر وفرس النهر والفيل جميعها عيونها بنية أو سوداء!!

ونفس هذه الظاهرة تجدها في عالم الطير..فتجد أن النسر والصقر والبومة (الحدأة) لون عيونهم هو الأصفر الفاتح ، وتراها كأنها تبرق وترعد ، أما اليمام والحمام والبلابل والهدهد عيونها بنية أو سوداء..كذلك في عالم الأسماك تجد أن أسماك القرش الفتاك والتمساح عيونهم صفراء ، في حين أن الفُقمة والدولفين وهما من أكثر الكائنات البحرية ذكاء ووداعة ويحبون اللعب مع البشر والرقص تجد أن عيونهما بنية..

إذًا هي ظاهرة عامة في عالم الحيوان، ولا علاقة لها بالأجواء المناخية للغابات ، لأن الأسود والنمور تعيش في الأجواء الحارة وهي مفترسة.. كذلك يعيش معظم المفترسات من الصقور والذئاب والدببة في أقصى شمال الكرة الأرضية حيث الجو البارد. في حين تعيش الفُقمات والدولفين - عيونهما بنية - في الأجواء الباردة وهي غير مفترسة ..إنها ظاهرة تتعلق بكون الحيوان مفترس فتاك أو مستأنس.

انظر إلى الكلب والحصان وهما من الحيوانات شديدة الذكاء وشديدة الوفاء تجد أن عيونها بنية..وتجد أن جميع الحيوانات المفترسة كالأسود والنمور والفهود لا تخلص لأحد والعلاقة بينها وبين مدربها علاقة خوف لا حب ، وإذا شعر الحيوان المفترس كالنمر أو الأسد أو غيرهما بخوف المدرب منه أو لحظة ضعف لا يتردد في إفتراسه و إلتهامه.

هذا بالنسبة للحيوانات، ولكن ما الوضع بالنسبة للإنسان؟ يرى العالمO.C.Cater  في كتابه "Human Heredity" أن سبب تلوين العيون هو تآكل في طبقة من طبقات العين بحيث أن اللون يضعف ويبدو فاتح وهي وراثية..كما يقول أن تزيد نسبة المصابين بعمى الألوان في أصحاب العيون الملونة عنهم في ذوي العيون البنية أو السوداء..كما تزيد في الرجال عن النساء..ولون العيون ليست ظاهرة سطحية فهو بسبب الجنس ، وكما نعلم فالجنس له تأثير كبير على وراثة الإنسان..فمثلاً تجد أن دم أهل أوروبا يختلف عن دم أهل شمال إفريقيا وعن دم أهل آسيا.

إذًا لون العيون وفصيلة الدم ولون البشرة ليست صدفة - فلا يوجد صدف في خلق الله سبحانه وتعالى- بل هي آيات لها دلالاتها لمن يعتبر يقول تعالى{وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ}(فاطر:28)..فالعلماء يلاحظون هذه الظواهر ويدرسون معانيها و يخشونمن قدرة الله سبحانه وتعالى، ويدركون عظمة وبديع صنع الله، كما يدركون شيء من الحكمة الهائلة وراء هذه الاختلافات، يقول تعالى:{يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ}(الرحمن:41)..يخبرنا الحكيم العليم في هذه الآية أن يوم القيامة تظهر هذه الفوارق جلية واضحة ويؤخذ بها..

ولم نكن نعرف هذا العلم الجديد الذي تمارسه المخابرات الأمريكية من سنوات، إنه علم بيوميتركس،أي

لقد وجدت المخابرات الأمريكية أن عيون الإنسان شيء فريد ممكن الاستفادة منه لمعرفة شخصيته المعروف ببصمة العين..ولذلك نجد في مباني المؤسسات الحكومية الهامة جهاز حاسوب مبرمج بالمقياس الحيوي لبصمة العين يضع الفرد الداخل عينه فيه ، فإن كانت عين المرء معروفة لدى الحاسوب سمح له بالدخول..

إذًا عيون الإنسان لها علاقة وثيقة بشخصيته..ونجد معظم ذو العيون الملونة يسكنون في أوروبا ومن بعدها أمريكا واستراليا بسبب هجرة الأوروبيين  إليها ..فهل نحكم عليهم بأنهم مفترسون متوحشون بسبب عيونهم؟

لو فعلنا لأصبحنا عنصريين مثلهم، فهم يحكمون على الرجل حسب لون بشرته.

قد يقول البعض منا أن بيننا نسبة قليلة عيونهم ملونة ، هذا صحيح ولكن هؤلاء مثلنا في الطباع لأن معظم ما ورثوه هو من أب أو أم أو جد عيونه بنية أو سوداء..فدمهم ومعظم ميراثهم منا..ألم ترى أن الفلاح أحيانا يروي شجرة أصيلة ولكي يعطيها قوة يضع تحتها أسمدة أقل بكثير من قيمة الشجرة ، وكذلك يفعل الله سبحانه ولله المثل الأعلى ..

كذلك نجد من الأوروبيين أفراد عيونهم سوداء أيضًا، ولكن معظم ما ورثوه من ذوي العيون الملونة..ثم أن العيون السود عندهم لا تبشر بالخير، لأنها ليست عيون عربية نجلاء ولا عيون قدماء المصريين التي تسطير على الوجه بأثره – ليست عيون سلالة الأنبياء الصالحين، بل عيون الهون المشروطة، عيون أكثر الخلق شراسة ووحشية، فلم يرهب ويرعب برابرة الشمال مثل الهون..

يقول الفيلسوف الألماني F.Nietzsch :" إن روح الرجل الأبيض هي روح طير جارح".. ويرى المفكر"Conrad.J" في كتابه "Darkness of Heart القلب المظلم" لما استعمر الرجل الأوروبي قارة إفريقيا وتمكن من أهلها أذاقهم العذاب ألوانًا فسخر منهم واستعبدهم وسفك دمائهم..وهناك كتاب"Lord of Flies سيد الذئاب" لوليم جولدنج Wiliam Golding يحكي فيه أن عددًا من ابناء العائلات المرموقة في إنجلترا قد افتقدوا في احدى الجزر، وعندما عثروا عليهم وجدوهم وقد رجعوا إلى البربرية والوحشية الأولى..وهناك أمثلة كثيرة غير ذلك.

ولكن هل نحكم عليهم حسب أقوال مفكريهم؟ ربما نظلمهم إذا فعلنا..فمن العدل أن نحكم عليهم حسب أعمالهم.. فالإنسان حتمًا سيحاسب على كل أفعاله وكل ما يتلفظ به، يقول الله تعالى{يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}(المجادلة:6)..فهذا ميزان العدل الإلهي..

ويشهد التاريخ الأوروبي بأن أقوام أوروبا كانت تقتل بعضها البعض فنجد أن هلاك القبيلة الظالمة يأتي على يد من هم أكثر منهم ظلمًا وضراوةً، فقد قتل الجرمان الكثير من الكلت والرومان، ثم جاءهم الهن وهم قوم من الجرمانيين؛ ولكنهم كانوا أكثر منهم وحشية، ثم جاءهم الفايكنج، وهم أكثر منهم ظلمًا وقسوة، وقتلوا منهم الكثير، وعاشوا وأيديهم ملوثة بدماء قبائل بأسرها. إذن فقد كانت القاعدة في أوروبا هي البقاء للأقوى وليس للأصلح..وعندما منحهم الله سبحانه وتعالى بعض أسرار المادة كي يختبرهم ، إستعملوها في القتل والبطش وإبادة الناس..وتفننوا في طريق القتل الجماعي ووسائل قهر الناس.

ويقول بعض المؤرخين العسكريين أن ألمانيا وروسيا أكبر قوتين بريتين ..معنى ذلك أنهم يركبون الدبابات ويقهرون الناس ويدوسون عليهم بها نذكر الألمان في الحرب العالمية الثانية والروس في المجر، ويقولون أن إنجلترا و فرنسا وهولندا وإسبانيا أكبر قوى بحرية ، معنى ذلك أنهم يركبون السفن ويسافرون عبر البحار الشاسعة ليقتلون ويستعبدون الناس.

أما الأمريكان فقد ورثوا من الأوروبيين القوى البرية والقوى البحرية معًا، فنجدهم منذ بداية عهدهم ونعومة أظافرهم في الأمريكتين قد أبادوا الهنود الحمر في ثلاث قرون، أما في عصر السرعة هذا، فقد أصبحوا راشدين فأباد الجيش الأمريكي مدينتي هيروشيما ونجازاكي في دقائق.

ولقد أباد الغرب سكان ثلاث قارات:أمريكا الشمالية والجنوبية واستراليا بالإضافة إلى عدة جزر حيث قضى على نسبة كبيرة من سكانها..ولم تسلم بلد من بلاد العالم القديم من تدخل القوى الغربية وتسلطهم وبطشهم..فهم بدون منازع أكثر أجناس العالم سفكًا للدماء.

وسوم: العدد 849