سهيل بن عمرو يعلّم يوم الحديبية، ما أعظمك وأحلمك وأعدلك وأكرمك سيدي رسول الله

ولما كان يوم الحديبية ، وأرسلت قريش سهيل بن عمرو ليفاوض عنها ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى سهيلا إن قريشا قد أرادت الصلح . وتفاوض القوم حتى وصلوا إلى الكتاب ؛ واستدعى رسول الله سيدنا عليا ليكتب ...

فقال له الرسول اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ..

فقال سهيل : لا أعرف هذا ولكن اكتب " باسمك اللهم "

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي اكتب باسمك اللهم فكتب .

ثم قال سيدنا رسول الله لعلي اكتب : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله .. فاعترضه سهيل بن عمرو ، وقال لو شهدت أنك رسول الله ، ما قاتلتك !! اكتب اسمك واسم أبيك..

فقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي اكتب : هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله فكتب ..

ويكثر الرواة الحديث عن طلب الرسول من سيدنا علي محو صفة الرسالة عنه ، وكيف أنه صلى الله عليه وسلم على أميته محاها بنفسه . وهذا لا يدخل في موضوعنا وإنما الذي نقف عنده في هذا المقام أمران ..

الأول : عدل رسول الله وإنصافه وإقراره باعتراضات الخصم الموضوعية في السياق الذي كانا يتفاوضان فيه .

والثاني : نباهة سهيل بن عمر " رضي الله عنه " وهو السيد القرشي ، وكان يومها على شركه ، سهيل بن عمرو الذي لو وجدنا مثله على منصة المنصات واحدا لكفانا ..

أول الجور من فريق منصة المنصات قبولهم بالجلوس على طاولة للجور والظلم تعترف بأن فريقا عليها يمثل الدولة والوطن والشعب ، وأنهم يمثلون معارضة مهزومة متنحية ، محقة أو مبطلة ..نعم لقد كان هذا أول الجور وأول الخطل وأول الإدبار وأول الانحلال ..!!

وأول الكلام الذي يجب أن يقال هو أننا لو اعترفنا بدولة الانقلاب البعثي منذ الثامن من آذار 1963 ما رفضناها ..

ولو اعترفنا ببشار الأسد رئيسا ما كان بيننا وبينه وبين أبيه وبين سلف أبيه وسلفه وسلف سلفه الذي كان .

إن أول الكلام الذي يجب أن يقرر إن بشار الأسد وأباه وحزبه من قبل إنما سلبونا أمرنا بانقلاب عسكري . وكما قال سلف له من قبل بقوة الدبابة وكل الإجراءات التي بنيت على الدبابة يجب أن تظل بوزن الذبابة ..

لسنا نحن أبناء الشعب السوري الذين نطلب الاعتراف ، بل نحن الذين نمنح الاعتراف. وهذا فالق أساسي بين جمهور الثورة والجالسين على المنصات . وإذا كان الشعب السوري ما يزال يرفض مخرجات دبابة الثامن من آذار 1963 ، وهي في ظاهر أمرها سورية ، فلأن يرفض مخرجات الدبابة الروسية والإيرانية أولى ..

 نحن في هذا أمام نقطة مفصلية جوهرية ا، هل لتحلق حول الطاولة يتم بين مواطنين ومواطنين ومواطنين ، وليس غير . أو بين رئيس ومرؤوسين ، وحاكمين وأتباع .. وعلى كل من يظن أنه يجلس وصولجان السلطان بيده . ومؤسسات الدولة تحت يده . والشرعية بعض إراداته أن يجرع كأس الحقيقة بمثل فطنة سهيل بن عمرو الرجل الأريب ..

لابس ثوب الزور ، مغتصب صولجان السلطة يطالب مثلا بإدانة التدخل فيما يظنه مزرعته إلا ما كان بأمره ..!! فمن يرد عليه بأن سورية ليست مزرعته ولا مزرعة أبيه ولا حزبه من قبل ..

مغتصب اسم الشرعية يطالب بإدانة حمل السلاح ضده ... لأنه يعتقد أن قتل الأبرياء حق حصري له ، وأن دفاع البريء عن نفسه هو الجريمة وهو الإرهاب ..

كل هذا الكلام ما كان ليقال أو يطرح لو امتلك هؤلاء ..بعض ما امتلك سهيل بن عمرو من قبل فما قبلوا عنوانا ما قامت هذه الثورة إلا لتصحيحه وتدارك الخلل الذي فيه ..

لقد قامت هذه الثورة المباركة ودفع السوريون مئات الألوف من الشهداء لإسقاط حكم الدبابة ، وإسقاط دولة الباطل ..

لقد سقطت الدولة السورية الشرعية منذ الثامن من آذار 1963 ولم تقم حتى الآن ..

وكل ما قام في سورية منذ ذلك اليوم تسلط زمرة لا تملك أي شكل من أشكال الشرعية وأي شبهة في حق أو شرعية ..

وعلى غير هذا الأساس لا يكون لقاء ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 853