أنعي لكم يا أصدقائي .. كل الذين ظننا فرجونا وأمّلنا !!

( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )

وأصبحنا بعد ما يقرب من عشر سنين من عمر ثورتنا المجيدة ، ثورة الحق والحرية ، كالغنم الشاتية في الليل المطيرة غاب عنها راعيها الأمين ..!! هكذا صرنا أو هكذا صيّرونا ومن العبث السؤال عن الفرق . وقديما قالوا يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعله العدو بعدوه وكيف بنا إذا اجتمع علينا السل والجرب كما يقول البردوني أو الجهال والأعداء ؟!

كثيرا ما كانت أتمثل حالنا في هذه الثورة المباركة ، بحالنا يوم ندخل المسجد بعد انقضاء الجماعة الأولى ، ونقيم الصلاة وبينما نحن نتخير من يؤمنا ، يقفز إلى محرابنا شاب مقشمر ببنطلون جينز ، وقميص مشرطط ، ووشم على ساعده ؛ فيؤمنا في صلاة لا يقيم من أركانها ركنا ، ولا يحسن من تلاوة فاتحتها حرفا !!

بعض أئمة هذه الثورة وثبوا أو تواثبوا أو أقامهم في محاريبها من لا يرقب في أمر هذا الشعب إلّا ولا ذمة من كل أفاك وأثيم .

تسع عجاف مرت ، كنا كلما عقدنا رجاء على " من زعم " فتزعم .. خرجنا بصدمة أقسى من صدمات كل المضبوعين ، فصحونا على أبواب مغاير " تهلك " فلم نعد نملك من أمرنا إلا القليل بعد القليل الذي لا يتبقى منه بعد إلا الأقل منه .

ونتأمل ساحةً هي ديارنا ..فنرى لكل غريب أو دعيّ فيها مرجعية وقيادة تناضل عنه ، وتدفع عن حقه حتى زمرة الأسد ما زالت تملك مرجعية وقرارا وإن قلتُ وقلتم تحت وطأة روس وإيرانيين وصهاينة وأمريكيين ..

وهذا المسمى جبهة النصرة على اختلاف عناوينها وأسمائها ما زالت تمتلك قيادتها الموالية لمشغليها ، وتتمسك بحقها لترى لنفسها مساحة في التقديم والتأخير والمناورة والتدبير. وهي التي لم يكن يوما مشروعها من مشروعنا ، ولا همها في حماية إنساننا ووطننا وثورتنا ...

وهذه ميليشيات قسد تمتلك هي الأخرى قيادتها تحت لواء مشغليها ، فتعرف كيف تناور بين الفرس والروم أو بين الروس والأمريكان وتنتزع من هذا وهذا وهي تتمرغ في وحل وطين ؛ فتنتزع مزعة من لحمنا ، وتهيض ما وصل إلى يدها من عظمنا .

إلا نحن ..

العشرون مليون ..

الذين قدموا مليون شهيد

ومليون معتقل

وعشرة ملايين مهجر

والذين دمرت ديارهم ..

ونهبت أموالهم ..

وذاقوا عذابات المخاض لما ظنوه ثورتهم أفانين ..

نحن الذين نعيش اليوم تحت رايات العاجزين ، والمتواطئين ، والطامعين ، والطامحين من قيادات وهيئات أفرزها ضعفنا ، وأطمعها صمتنا ، وقيادات ولاها علينا عدونا ، صنعها على عينه ، وحمى عليه بكيره ، حتى اطمئن إلى كل ما يريد ..

أدعوكم فقط يا أصدقائي ..

إلى مراجعة كل ما كان في ألاعيب الفك والتركيب والتصفيح والسحب والتطريق ..

وأنعي لكم الكل أجمعين أبتعين أبصعين

أنعي لكم الكل ونحن نتلقى بالأمس الرصاصة في الصدر ، من آخر أمل كان ، وهو يسلم حصوننا عن يد الذلة والصغار لأعدائنا الروس والأسديين ..

لا تفلسفوا الجريمة ، ولا تفسروها فقد كفى يكفي كفكفان ..

إن فلسفة الجرائم جريمة تحاول الالتفاف ..

أنعي لكم يا أصدقائي كل الأدعياء ..

على مقاعد المستندين بل حسب تعبير القرآن المسندين

أنعيهم ولا أنعي الثورة أبدا ..

فهذه الثورة ستبقى حية خالدة نقية ، ستبقى مطلب حق وصدق في ضمير كل سوري حر ، يعبر عنها فردا على طريقته حتى يأذن الله بالفرج ..

أيها السوريون ..

أنعيهم وأرسل السلام إلى أرواح كل الشهداء والصابرين المصابرين القابضين على جمر الثبات " ثبات " ومتفرقين ..

إلى بقية البقية من أهل العزم والعزيمة

تماسكوا واستعصموا ولا تخدعوا ..

انبذوا إلى الظالمين على سواء . وليكن لكل واحد منكم في نفسه لنفسه من نفسه مرجع مكين . وتذكروا عندما قال سيدنا لوط وقد استضعفه قومه فأفردوه : ( قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ )

أجابه سيدنا محمد رسول الله "رحم الله أخي لوطا فقد كان يأوي إلى ركن شديد"

وستبقى " ما لنا عيرك يا الله " هي ركننا الشديد

كلمة أقولها لكل سوري ..سوري ..سورية

احذر أن تخدع أو تغر أو أن تزل أو أن تستذل ..

( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ).

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 853