هل اللغة العربية لغة أهل الجنة؟..

ثمة حديث مفاده أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "أحبّوا العرب لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي".

 وقد استقر رأي علماء الحديث على أن الحديث المذكور أعلاه موضوع وغير صحيح السند، ولكن هذا الحديث يعكس مدى اعتزاز العرب بلغتهم في عصر احتدم فيه الصراع الحضاري بين العرب والعجم. في عصر شنت الشعوبية على تراث العرب وحضارتهم ولغتهم أعتى وأشرس حملة عرفها التاريخ، فكان لا بد من رد الصاع صاعين. وما كانت اللغة العربية لتبقى طوال أربعة عشر قرنًا من الزمان إلا لأن القرآن عربي، وما انبثق عنه من علوم جاء بالعربية، ولأن محمد صلى الله عليه وسلم عربي. فلما انحسرت الشعوبية وانكسرت شوكتها أقبل الفرس والترك وغيرهم من العجم يدونون كتبهم بالحرف العربي لأنه خط شريف مقدس.

 وأعجب ممن يُدبّج المقالات في تفنيد الحديث المذكور أعلاه مصرًّا على أن لسان أهل الجنة ليس عربيًا! ونحن نقول له: ليس بالضرورة أن يُشير الحديث إلى حقيقة علمية مثبتة وإنما يعبر عن مكنونات سايكلوجية واجتماعية ودينية، فكما يعتز الإنكليزي بلغته، والفرنسي بلغته، واليهودي بلغته يحق للعربي أن يعتز بلغته فلا ضير في ذلك. قيل لي إن الفرنسي عندما يسأله سائح باللغة الإنكليزية عن مكان ما يرد بالفرنسية رغم أنه يجيد الكلام بالإنكليزية وذلك غيرة منه على لغته.

 واللغة العبرية كانت لغة الطقوس والنصوص الدينية ثم بُعثت من جديد، وقد أطلق أصحابها عليها اسم "לשון הקודש" اللغة المقدسة ولم نجد من اليهود من ينكر عليهم ذلك أو يسخر منهم!. لأن وجودهم في هذه الديار منوط بدعوى حقهم التاريخي المنصوص عليه في الكتاب المقدس!، وهي دعوى باطلة.

 في عام 1929 ألغى مصطفى أتاتورك في تركيا الحرف العربي واستعاض عنه  بالحرف اللاتيني، وراح يبث أن اللغة التركية هي اللغة الأولى في العالم ومنها انبثقت جميع لغات العالم، وقد سمى نظريته هذه بنظرية الشمس لأن الشمس كانت مصدر الدفء والنماء وتحول المواسم والفصول، وادّعى أن اللغة الآشورية أصلها تركي.

يحق لنا أن نعتز بلغتنا العربية. نحن نملكها كما ملكها القدماء. والدعوى أنها لغة ميتة كاذبة ومضللة!.

يحتفل الناطقون باللغة العربية باليوم العالمي للغة الضاد، الذي يصادف 18 كانون الأول/ديسمبر من كل عام، وهو التاريخ الذي أقرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية وجعلها لغة العمل في الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو.

وسوم: العدد 854