حمَلة أعباء الأمّة وهمومها : هل هم في مرحلة التعاون ، أم في مرحلة التلاوم ؟

أصحاب الجنّة ، الذين مَنعوا صدقاتها ، فحرمهم الله منها ، قال عنهم ربّهم ، بعد أن رأوها خاوية على عروشها :

(فأقبلَ بعضُهم على بعضٍ يَتلاومون ).

وأصحابُ النار، يوم القيامة ، يتلاومون فيما بينهم: كلٌّ يلوم غيره ؛ ولاسيّما الأتباع، الذين هانوا في الدنيا ، على أنفسهم ، وانساقوا وراء سادتهم وكبرائهم ، فأضلوهم السبيل !

فهل خسر المسلمون ، اليوم ، كلّ شيء، وكلّ قدرة على العمل، ويئسوا من أنفسهم، ومن نصر ربّهم ، فصاروا يتلاومون فيما بينهم ؟

هيهات .. فالأمر متعلق بدين الله ، وهو متولّ حفظَه ، إلى يوم الدين ، وسيُظهره على الدين كلّه ، ولو كره الكافرون !

أمّا حمَلته ، فهم بين أن يَحملوه ، كما يحبّ الله ورسوله ، وبين أن يَستبدل الله ، قوماً غيرهم ، ثمّ لايكونوا أمثالهم ؛ كما ورد في القرآن الكريم : ( فإنْ تَتولّوا يَستبدلْ قوماً غيرَكم ثمّ لايكونوا أمثالكم) .

والحديث ، هنا ، الآن ، كلّه ،عن هؤلاء ! أمّا أولئك ، المحسوبون على الأمّة ، وهم أعداء لها، وأمّا الآخرون ، الذين لاهمّ لهم، سوى الدنيا ومتاعها، وأمّا المهزومون ، الذين عبدوا الله على حَرف ، فلم يصبهم الخير الذي يطمئنّون إليه ، فانقلبوا على أعقابهم .. أمّا هؤلاء وأولئك ، جميعاً ، فليسوا من المعنيين ، بما يقال ، هنا !

ونعود ، إلى حمَلة هموم الأمّة وأعبائها ، الذين لايرون لها نصراً ، ولا عزّة ، ولا قيمة ، إلاّ من خلال دينها .. نعود إليهم ، لننظر ماذا يعملون !

أعداءُ الأمّة ودينها ، في الداخل والخارج ، يرون هؤلاء ، هم ، العقبة الكأداء ، في وجه طموحاتهم الدونية ، في محو دين الأمّة ، ومحوها من الوجود !

فماذا يفعلون ، هم ؟

إنهم يقارعون أعداءهم ، في كلّ ميدان ، في : الحرب والسياسة ، والإعلام والفكر، وفي الشؤون الاجتماعية والخُلقية .. وغيرها !

أهم ضعاف ؟ أجل ، هم ضعاف ، إلى حدّ كبير، في كثير من الميادين ، وإنّ أعداءهم ،أقوى منهم، بكثير؛ بل إنّ أعداءهم ، يستعينون عليهم، ببعض المحسوبين على أمّتهم ، ليقاتلوهم ، في ميادين الحرب .. ويصارعوهم ، في ميادين السياسة ، والفكر والأخلاق ..!

فأين تكمن القوّة ، التي يستمدّون منها العزيمة ، إزاء تكالب أعداء الداخل والخارج عليهم ؟ إنها تكمن ، في كتاب الله ، الذي لايأتيه الباطل ، من بيين يديه ، ولا من خلفه ؛ ففيه وصف ، لحال المؤمنين والكفرة ، في الدنيا والآخرة ، وفيه وعدُ الله ، بنصر المؤمنين ، وإظهار دينه ، الذي يحملونه ، على الدين ، كله .. وفيه تفصيل، لأحوال المجرمين ، ومساعيهم الخبيثة  في الدنيا ، ومصائرهم في الآخرة !

فهم متمسّكون به ، ولو ضَعفَ بعضُهم ، في بعض الظروف ! وهم يرجون نصر الله ، حتّى وهم في أشدّ حالات الضعف والقلة ! وليس أمام أحدهم ، إلاّ إحدى الحسنيين : النصر أو الشهادة ! وحتّى الشهادة ، فيها نصر شخصي ، لمن ينالها؛ إذ يفوز بجنّة ، عرضُها السموات والأرض ..!

وسوم: العدد 863