لا أحب أن أهجم على الناس بالغرائب ..

ومتعاطف مع إغلاق الصوامع والبيع والصلوات والمساجد !!

هل يتعاطف المسلم مع الصوامع والبيع والصلوات والكنس والكنائس عندما تغلق ، وتتعطل فيها الصلوات وتتوقف فيها الترانيم : لله المجد في الأعالي ، وبين الناس المسرة ، وعلى الأرض السلام ؟!

لا تعجل علي ، أنا أسأل ولا أجيب ؟!

يقول تعالى ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ) وتعداد أسماء دور العبادة للتمثيل فيما نسميه التسلسل المفتوح ...

وسيدنا عمر عندما امتنع عن الصلاة في كنيسة القيامة في القدس ، كان يعلن حرصه بنظرة استشرافية ، على بقائها بيد أصحابها . لم يشأ أن يعطي بعض المسلمين ذريعة لنزعها ، فهل نرى في هذا نوعا من الفقه ؟! نتأمل فقط ..

أحدثك عن ابن القيم ..

هو عالم المسلمين بلا منازع بعد ابن تيمية .

ابن قيم الجوزية في دمشق . وتلميذ أول لابن تيمية . عالم موسوعي ، وراث علم وصاحب عقل وفكر . وهو معايش لبقايا الغزوين الصليبي والمغولي .

ويقول في الفصل الأول من كتابه " أحكام أهل الذمة " المتعلق بحكم البيع والصلوات والمساجد ؛ معلقا على قوله تعالى ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ .. ) يقول " ويجب على المسلمين أن يدافعوا عن متعبدات أهل الكتاب بأنفسهم " أي أن يبذلوا دماءهم للدفاع عنها ، لو هددها مهدد جاهل أو غيره .

ويضيف نقلا عن أبي العالية " إن الله يحب أن يذكر ولو من كافر " !!

وتأمل هذه العبارة ثم تأملها ثم ارجع البصر والعقل فيها ..!!!

فما يزال عجبي لا ينقضي منها منذ وعيتها . وأعلم أنه خلاف كثير مما تم تلقيننا إياه . وأعلم أنها قد تستفز بعض الناس ، ولكنني لا أحب استفزاز أحد ، ولكنه بعض العلم لمن يحب أن يعلم ..وقاعدتي وإن وجد مخالف فمن حقه أن يخالف . أكتب وآوي إلى ركن من عالم ، وأصغي لمن يأتيني بكلام أقوى وأبقى ..

كتاب أحكام أهل الذمة لابن القيم في مائتين وتسعة وسبعين فصلا . و 1748 صفحة . هو ثروة من فقه ، ليس من واجبنا أن نلتزم كل ما جاء فيها ، بل من حقها علينا أن نعيها . ونتواءم مع ما يوائم عصرنا منها .

والذي دفعني يوما أن أتأمل في هذا الكلام وأحفظه وقد قرأته منذ عقود ، أن الشيخ العلامة الشهيد صبحي الصالح قد نقله في تلخيصه لكتاب ابن القيم المذكور " أحكام أهل الذمة " ..و الذي اجتزأه رحمه الله تعالى في جزء صغير سماه " العهدة العمرية " واعتبرتُ نقلَ صبحي الصالح لهذه النصوص نوعا من الإقرار بها ، والحض على الإعمال لها ..

ثمة فقه أريد أن أسميه الفقه الجغرافي أو إذا شئتم الفقه الديمغرافي ، ففي فقه التعايش وثقافته يجب أن نأخذ فقهنا عن فقهائنا . ولا يصلح للشام ولا للعراق ولا لمصر فقه نجد مع احترامنا لفقه نجد وفقهائها . واعقد على هذا بإصبعك .

ومن مطالعتي لفقه الشيخ الشهيد صبحي الصالح وفكره منذ زمن طويل علمت أنه عالم موسوعي من الطراز الأول ، مع صلابة في دين رحمه الله تعالى. ..وليس لمثلي أن يشهد لمثله ، ولكنه كلام لا بد منه في عصر الطوفان ..

ويقول لي بعض الناس إذ يرونني هنا : نشفق عليك !! والله أنتم عندي بالشفقة أولى ..

ويقولون : ولمّ تدخل نفسك هذه المداخل الضيقة ؟! وإن لم أدخل هذه المداخل أنا وغيري كيف ينتشر العلم ، الذي حاول بعض الناس أن يزووه وأن يحجبوه ؟! حيث سد فقه بعض أصحاب الدثور صفحات الشبكات ..فلا تطلب فتوى إلا تجد نفسك محاصرا بقول ابن فلان ..وابن فلان .. أين فقه المذاهب الأربعة أيها المسلمون ..ومع كل ذلك فأنا أوي إلى ركن حنبلي متين ابن قيم الجوزية تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية ، ولا تنسوا أن ابن تيمية كان دمشقيا أيضا ..

وأنا والله أحب أن يذكر الله رب العالمين بكل لغة وعلى كل لسان ..ومتعاطف مع كل دور العبادة التي أغلقتها الضرورة على عباد الله ..

وأعلم سلفا كيف سيرد بعض من لا يعجبه هذا الكلام ..

لا أفرض رأيا على أحد وأقول ..

لكل حديث يابثين جواب .

اللهم أطلق ألسنة خلقك في الثناء عليك ، وتمجيدك ..

( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ )

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 871