المَناعة والمَنَعة : بين الأجسام المادّية والمعنوية !

المَناعة للجسم المادّي : تمنحه القدرة ، على مقاومة الأمراض !

المَنعة للجسم المعنوي ، الفردي والجماعي : تحصّنه ضدّ الاعتداءات ، وتقيه من الضعف ، المُغري لعدوان الآخرين !

الأطبّاء قد يصفون العلاجات ، التي تمنح الأجسام المادّية ، مناعة !

فمَن يصف العلاجات ، التي تمنح الأجسام المعنوية ، المنعة ؛ أيْ القوّة ، التي تحمي الجسم المعنوي ، من العدوان المادّي والمعنوي ، من قبَل الآخرين ، بالقول أو الفعل؟

أسباب المنعة كثيرة ، منها : المادّي والمعنوي .. ومنها الذاتي والخارجي !

من أهمّ أسباب المنعة : القوّة المادّية ، بأنواعها : العسكرية والسياسية ، والاقتصادية والمالية ، والعلمية ..!

ومن أسباب المنعة : الهيبة والتوقير، والخوف الذي يقذفه الله ، في قلوب المعتدين ، ومَن يفكّرون بالعدوان ؛ فقد نُصرَ رسولُ الله ، بالرعب !

ومن أسباب المنعة : الرباط على الثغور، الذي يردع العدوّ، عن عدوانه !

تغنّي الشعراء بالمَنعة :

قال عمرو بن كلثوم التغلبي: ألا لايَجهلنْ أحدٌ علينا     فنَجهل فوقَ جَهلِ الجاهلينا !

وقال جرير: إذا غضبتْ عليك بنو تميمٍ    حسبتَ الناسَ ، كلّهمُ ، غضابا !

وقال أبو فراس الحمداني : فلمّا أنْ طغتْ سفهاءُ كَعبٍ    فتحنا بيننا للحربِ بابا

منحناها الحَرائبَ ، غيرَ أنّا     إذا جارت مَنحناها الحِرابا

نموذج قبَلي خاصّ  (اقتلوا مَن قَتلَ الكلبَ) : قَتل أحدهم كلباً لقبيلة ، فقال زعيمُها: اقتلوا مَن قتل الكلب ! فاستغربوا ؛ أن يُقتل رجلٌ بكلب ، ولم يفعلوا ! وبعد أيّام ، سُرقتْ فرسُ الزعيم ، فقال : اقتلوا قاتلَ الكلب ، فلم يفعلوا ! وبعد أيّام  خُطفتْ ابنة الزعيم ، فسألوه عمّا يفعلون ، فأمر بقتل قاتل الكلب ، فقتلوه ! فجاءهم سارقُ الفرس معتذراً ، وأعادها .. وجاء خاطف البنت ، واضعاً الحبل ، في عنقه ، مستعطفاً !

إنها شِرعة قبلية ، لا تُلزم غير أصحابها ، ولا تدعو أحداً، إلى الأخذ بها ، لكنها تدلّ، على أن التهاون ، في مجابهة العدوان الصغير، يؤدّي إلى ماهو أكبر منه !

وسوم: العدد 872