هل يجوز للعلماء والعاملين الانشغال بترداد الأوراد ..؟!

أنا أسأل ... والشيخ آق شمس الدين يجيب ..!!

وما أرويه من كتاب كان عندي في حلب عنوانه " الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية " لمؤلفه طاشكبُري زادة المتوفى سنة 968 / فعنه وعن مؤلفه أروي، من بعض ترجمة الشيخ " آق شمس الدين " شيخ السلطان محمد الفاتح، وأحد شركائه في الفتح العظيم ، والذي اكتشف بنوره الداخلي ضريح سيدنا أبي أيوب الأنصاري ، حسب الكتاب المذكور أيضا ..

والشيخ آق شمس الدين هو أحد علماء الحضارة الإسلامية . جمع بين علوم الدين والدنيا . وكما يقول بعضهم بين علوم " الشريعة والطريقة " وما ظننتهما يختلفان .

هو محمَّد بن حمزة كان مولده في دمشق عام (792هـ/1389م) حفظ القرآن الكريم وهو في السَّابعة من عمره، ودرس في أماسيا، ثمَّ في حلب، ثمَّ في أنقرة، وتوفي عام 1459م.

تذكروا أننا نتحدث عن مرحلة في التاريخ متقدمة عن دخول العثمانيين إلى البلاد العربية. وفتح القسطنطينية سبق مرج دابق والريدانية بنحو قرن من الزمان .

درَّس الشَّيخ آق شمس الدِّين الأمير محمَّد الفاتح العلوم الأساسيَّة في ذلك الزَّمن، وهي: القرآن الكريم، والسُّنَّة النَّبويَّة، والفقه، والعلوم الإِسلاميَّة، واللُّغات (العربيَّة، والفارسيَّة، والتُّركيَّة) وكذلك في مجال العلوم العلميَّة من الرِّياضيَّات، والفلك، والتَّاريخ، والحرب. وكان الشيخ آق ضمن العلماء الَّذين أشرفوا على السُّلطان محمَّد عندما تولَّى إِمارة مغنيسيا ليتدرَّب على إِدارة الولاية، وأصول الحكم.

وقد كان الشيخ آق شمس الدين عالما في علوم النبات والطب وله إشارات سابقة إلى توصيف الجراثيم - الكائنات الدقيقة التي لا ترى بالعين –

لن أطيل عليكم فقد كانت العلاقة بين السلطان المريد والشيخ المربي والمرشد والمعلم فوق ما يتصور أناس هذا الزمان. وظل السلطان قبل بعد فتح القسطنطينية وبعده يشعر بهيبة شيخه ، إذا جلس إليه . ويتملكه حال عجيب أنه التلميذ وأن شيخه هو السلطان ..!!

ولكن شيئا ما أحفظ السلطان ، وأزعجه ، وشغل باله يوما ما فانفجر به في وجه شيخه محتجا في لحظة أسى .. قالوا : وبعد أن تحقق الفتح ، فتح القسطنطينية ، وعاد السلطان فرحا بما حقق الله على يديه ... استأذن السلطان على الشيخ ليسلم عليه. احذر القراءة الخاطئة: استأذن السلطان على الشيخ، فأذن الشيخ للسلطان !! ودخل السلطان مجلس الشيخ فسلم عليه من مجلسه، لا قام ولا عانق ولا هلل ولا كبر ولا قال له أنت أنت ، ولا تذرع بخرافة الحفاظ على هيبة ولاة الأمور .. ( قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) .. قالوا واستأذن رجل من عامة الناس على الشيخ في حضرة السلطان ، فأذن له ، ودخل الرجل العامي فتشاغل الشيخ به ، وسأل العامي الشيخ وردا يلتزمه ، فأهداه إليه .. وهنا لم يتمالك السلطان نفسه وقال للشيخ عاتبا كلاما لا أحب أن أنقله كله .. وكان مما قال : وأنا منذ سنوات أسألك أن تعطيني وردا فلم تفعل ، وهذا رجل عامي يسألك وردا فتعطيه إياه في الحال !! .. ثم أجابه الشيخ بكلام كثير جميل، لا أريد أن أشغلكم به لأن الذي يهمني منه قول الشيخ للسلطان:

" يا بني ما أنت فيه من الانشغال بأمور المسلمين خير لك من الورد .."

يا بني .. أو يا سيدي .. الانشغال بأمور المسلمين خير من الورد . وخير من الهيام في أحلام اليقظة ، التي يستلذها بعض الناس ، فيزيدونها أوارا بكل المنشيات والمهيجات .. ولئن تمر على صفحة مسلم أراد أن يهدي فهذا وتصحح له برفق عالم وحكمة مرشد فهو خير لك ، وأولى بك ..

تذكرة: وكان السلطان مراد الثاني والد السلطان محمد الفاتح بعد أن ذاق لذة الذكر ، خلع نفسه من السلطنة ، وألقى عبئها على ولده محمد في حكاية أخرى تطول .

يقولون إن الأبيات التي تنادي على عابد الحرمين ، لا تصح للإمام المجاهد العابد الزاهد عبد الله بن المبارك ..وسواء صحت له أو لم تصح ، يبقى قوله: لعلمت أنك في العبادة تلعب صحيح .

أما كيف اكتشف المسلمون ضريح سيدنا أبي أيوب الأنصاري، والذي دفن تحت أسوار القسطنطينية منذ محاولة الفتح الأولى ، فتلك حكاية أخرى للشيخ آق شمس الدين لعل الله أن ييسر و أن يعين ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 872