سورية - في نقل الراية عن أكتف الشهيدات والشهداء ...

وقول سيدنا علي رضي الله عنه :

"كنا إذا حمي الوطيس ، و اشتد البأس واحمرت الحدق ، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فما يكون أحدٌ أقربَ من العدو منه . ولقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأساً" .

ويحدثوننا ، والصريخ صريخ مستنصر ومستغيثة .. بكل الخنين الذي تسمعون. ترقيع دستور ، وشراكة كاذبة ، ونزول على حكم الجبارين ، وما باليد حيلة ، كذا يظلون يعتذرون ، ننقذ ما يمكن إنقاذه ، وقد هلك الناس ، وكنا قد حُفّظنا : من قال هلك الناس فهو أهلكُهم ، وهو أهلكَهم .

وانكشف المسلمون بين يدي رسول الله صلى الله عليه أكثر من مرة... ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكشف قط . لم ينكشف قط وإن انكشف من حوله رجال وأي رجال !! واحفظوا هذا ولا تنسوه أبدا ..لم ينكشف سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرب ولا في سلم أبدا .. أبدا

وانكشف المسلمون يوم أحد ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما انكشف ، وظل مرابطا في حفرته ، التي حفرها خلفه أحد المشركين ، فوقع فيها ، وقد كُسرت رباعيته ، وجرحت وجنته الشريفة ، ودخلت فيها حلقتا المغفر ، ولكنه ظل ثابتا كالطود يناضل عنه من أصحابه رجال ونساء – اقرؤوها جيدا رجال ونساء – منهم سعد بن أبي وقاص ، ومنهم نسيبة الخزرجية ..

وانكشف المسلمون يوم حنين ، حين أعجبت المسلمين كثرتُهم ، فلم تغنِ عنهم كثرتهم شيئا وضاقت عليهم الأرض بما رحبت ثم ولوا مدبرين ، وانكشفوا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعمه العباس يمسك بغلته ، وهو ينادي : أنا النبي لا كذب ..أنا ابن عبد المطلب

وحين يقول الإمام علي رضي الله عنه وهو من هو في الشجاعة والبأس، كنا إذا اشتد البأس ، يعني التحم الناس وقرع السيفُ السيفَ ، والرمحُ الدرع أو المجن ، وحمي الوطيسُ ، والوطيس هو حفيرة كانت تحفر للخبز والشي ، وفي ذكرها كناية عن اشتداد أوار الحرب ، واحمرت الحدقُ ، حدقُ الفرسان والأبطال ، أي أعينهم قد غدت حمراء عزما وإصرارا وحنقا وغضبا ، كلٌ يريد أن يحقق مأربه من النصر ؛ يقول سيدنا الإمام علي ، في هذا الموقف الضنك والدقيق كنا ، يقصد نفسه وأمثاله من الفرسان الأبطال ، نتقي برسول الله ..أي نتخذ منه حصنا ودرعا ومجنا ، فنلوذ به ، ونصطف خلفه ، ونحتمي بصولته ، فلا أحد منا يقدر على ما يقدر عليه ، من الجرأة على العدو ، والإقدام للنيل منه ..!!

بخٍ .. بخٍ .. هذا أبو القاسم الذي يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ، ويعروري الفرس بلا سرج ولا ركاب ولا لجام ، ويظل مقدم أمته ينادي فيهم وعليهم : أن لن تراعوا ... لن تراعوا ... لماذا لا يكثرون علينا الحديث عن مثل هذا من خلق رسول الله ...؟؟؟

أقرأ لكم هذا ونحن نرى اليوم راية الأبطال .. راية مئات الألوف من الشهداء في سورية ، الذين تقدموا ينادون : ورسول الله قدوتنا ، قد عفرها التراب ، فلا حامل بحق ولا بصدق لها ، وقد غلب أصحاب الأصوات المخملية ، فأحسنهم طريقة من تخلى عنها ، ودع عنك من نبذوها أو لمزوها أو داسوها ...، وقد غلب أولئك وهؤلاء على المشهد بليل ففرطوا وضيعوا وأضاعوا ..

قديما قالت العرب : يتولى حارَّها من تولى قارَّها .. ونردّ اليوم على العرب قولهم فنقول : ولقد انقضى اليوم في مشهدنا عهد القارِّ البارد الذي به هنئتم وجاء عهد الحارِّ ببأسه ووطيسه وحدقاته الحمر فليتقدم من يشاء أو فليدع

ونستعصم بحقنا الأبلج نضرب بها وجوه قوم لا يعلمون ..

ونستعصم بكل نعم استشهد من أجلها شهيد ،

وبكل " لا " قضى في سبيلها معذبة أو معذب ..

وكل سورية لكل السوريين ..

ولا مكان في سورية لمستبد ولا لفاسد ولا لدخيل مريب

ولو ألجؤونا إلى مثل شِعب أبي طالب ، ففي شِعب أبي طالب كانت لنا بطولات وبطولات ..

الله أكبر والرسول قدوتنا وقائدنا ..

( لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ )

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 899