الهويات العرقية والدينية : أهي خناجر، تمزّق الهويّة الوطنية !؟

استقرّ أكثر المجتمعات المتحضّرة ، اليوم ، على تبنّي الهويّة الوطنية ، إطاراً جامعاً، لسائر التناقضات : العرقية والدينية والمذهبية.. وغيرها؛ وذلك بعد حروب طاحنة ،  بين أصحاب الأعراق والمذاهب والديانات ! 

فهل الخيار الأخير، هو الصحيح ، دائماً ، أو هو الأصحّ ، دائماً .. أم هو الخيار الممكن ، بين سائر الخيارات ، والأقل ضرراً بينها ، برغم مايشوبه من منغّصات ، أحياناً ، ومن اضطرابات تعكّر الوحدة الوطنية ، أو تمزّق النسيج الاجتماعي السائد، في إطار الدولة الواحدة !؟ 

لقد جرّبت المجتمعات ، عبر تاريخها، أنماطاً مختلفة ، من التعايش الاجتماعي، من: وحدة القبيلة عرقياً .. ووحدة الشعب عرقياً .. ووحدة الشعب دينياً .. ووحدة الشعب مذهبياً ! كما جرّبت المجتمعات ، أنواعاً مختلفة ، من الاختلاط : العرقي والديني والمذهبي..! 

كانت الإمبراطوريات ، تضمّ أعراقاً مختلفة ، وديانات مختلفة ، ومذاهب مختلفة..! وكان التمييز، بين أتباع الأعراق والديانات والمذاهب .. يَظهر، باستمرار، في مناسبات ، تقتضي ظهوره ، وبلا مناسبات ، تقتضي ذلك ؛ إذ الأمزجة المختلفة للأفراد ، تبرز ، في أحيان كثيرة ، فتثير زوابع ، ضمن نسيج الدولة ، الذي يشكّل أنسجة مختلفة ، لأبناء الشعب ، داخل الدولة ! 

كان المجتمع ، في العهد النبوي ، يضمّ فئتين ، هما الأكثرية المسلمة ، والأقلية اليهودية ! وقد نَظمت هذا المجتمع ، صحيفة المدينة المنوّرة ، التي أعدّها النبيّ ، وحدّد فيها الحقوق والواجبات والالتزامات ، لكلّ فريق! وقد مارس اليهود عمليات غدر، في ظروف عدّة ، منها : غدر بني قينقاع .. وغدر المرأة التي حاولت اغتيال النبيّ ، عبر الشاة المسمومة .. وغدر قريظة ، في غزوة الخندق .. وغيرها ! فاضطرّ النبيّ ، إلى معاقبة هؤلاء ، جميعاً ، كلّ فريق ، بما يناسب غدرَه ! 

كان هذا مثلاً قديماً ، لدولة قامت ، على أساس الدين الواحد ، لأكثرية شعبها ، مع وجود أقلية دينية ، مختلفة عنها ! أمّا اليوم ؛ فالشعوب التي تسعى ، إلى إقامة دول دينية ، قليلة ، من ناحية .. و تعترضها صعوبات كثيرة ، من ناحية أخرى ، بسبب اختلاط الشعوب ، من ناحية .. و من ناحية ثانية ، بسبب العولمة ، التي عمّت الكون، نتيجة للمخترعات الحديثة ، التي جعلت العالم قرية واحدة ؛ مايجري في بعض أركانها ، يجد له أصداء وتأثيرات ، في الأركان الآخرى !  

لكن ، لا بدّ من التذكير، هنا ، بالوعد الربّاني ، عن الإسلام ، الذي سيُظهره الله ، على الدين كله .. ولوكره الكافرون ! 

وتبقى الأسئلة حول الموضوع ، معلّقة ، إلى أن يشاء الله ، ويقدّر! ومن أهمّ الأسئلة: كيف ؟ ومتى ؟ وعلى أيدي مَن ، يظهر الدين كلّه ؟ الإجابات على هذه الأسئلة ، في علم الغيب ! لكن الواجبات ، الواقعة على أكتاف المؤمنين ، حيال هذا الأمر ، معروفة للعقلاء المخلصين ! (ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً) . 

وسوم: العدد 902