من دروس المعركة الحالية بين الشعب الفلسطيني وإسرائيل

كثيرة هي دروس المعركة الحالية بين الشعب الفلسطيني ، خاصة في غزة ، وعدوه الوجودي الألد إسرائيل . من هذه الدروس :  

 أولا : قدرة جزء من الشعب الفلسطيني هو غزة على اجتراح العجائب والمعجزات وخوارق البطولات . أي قدرة فريدة هذه أن يستطيع جزء صغير محاصر من الشعب الفلسطيني تصنيع السلاح أو تهريبه على شدة الحصار ، ويدرب أبناءه على استعماله ، ثم يروع به مجتمعا ودولة جيشها من أفضل جيوش العالم إمكانات وتدريبا وتسليحا ، وتساند هذا المجتمع وهذه الدولة وهذا الجيش أكبر قوة في التاريخ هي أميركا ،ودول أوروبية ، وأنظمة عربية ؟!  

ثانيا : الشعب الفلسطيني بين نهره وبحره يشعر بأنه شعب واحد ، وأن تجزئته 73 عاما لم توهن هذا الشعور . وما يحدث في الداخل الفلسطيني الذي توهم العدو أنه سيفصله قوميا عن سائر الشعب الفلسطيني يوضح هذه الحقيقة . سمعنا تكابير وتهاليل أبناء هذا الجزء من شعبنا حين شهد صواريخ غزة تضرب في جوارهم . ابتهجوا ولم يرتعبوا ، ونسبوها معتزين مفتخرين إلى غزة . إنها رسائل أحبائهم وأهلهم تسرهم وتغيظ عدوهم . ولن تتوقف انتفاضتهم الملتهبة الحالية ولو هدأت وقتا ما . 

ثالثا : افتقار إسرائيل لأقل نصيب من الأخلاق ، وتمردها الكامل على قوانين الحرب المتفق عليها دوليا . قصفت المباني السكنية والمكاتب الإعلامية والمدارس والمصارف والمزارع ومرافق وكالة الأونروا المحظور دوليا مسها  بأي اعتداء .  

رابعا : وهن إسرائيل مترسب متكثف في أعماقها ، وتحاول أن تتحرر من ثقله بوسائل نائية كليا عن المألوف في الحروب . ما الأهداف العسكرية في غزة التي تحفزها وتحمسها لمهاجمتها مرة ب 86 طائرة ، ومرة ب 160 طائرة و20 قطعة بحرية وبمدفعية الدبابات والمدفعية المستقلة ؟! هذا سيكون أضحوكة وسخرية في جيوش العالم . 

خامسا : ضعف روح الصبر والتحمل لدى مستوطني هذه الدولة . ضاق صدرهم ثاني أيام المعركة ، وجبنهم وسرعة انقذاف لهب الرعب في قلوبهم لا شبيه لهما في العالم . صور كثيرة ظهر فيها بعض هؤلاء المستوطنين يبكي ويصرخ ويستغيث منهارا هلعا . ورأينا جنودا ومجندات متكدسين ملتصقين ببعضهم بعضا في جمود وهمود .  

سادسا : جلَت المعركة قوة الشعور القومي العربي ، ونفت نفيا نهائيا الوهم الذي اجتهد المطبعون والمتخاذلون من العرب لبثه في روح المواطنين العرب بأن القضية الفلسطينية أمر فلسطيني خاص بالفلسطينيين ، وارتفق مع هذا الاجتهاد عنف الإساءة ودناءتها للإنسان الفلسطيني . هذا الإنسان الآن هو القدوة العظمى للإنسان العربي بطولة ورجولة وإرادة صمود ومهارة تجهيز لما يلزم للمهام الجسام .  

سابعا : للشعب العربي جبهة عريضة متينة من الكتاب والإعلاميين المؤمنين بعظمة أمتهم عروبة وإسلاما وإنسانية ومحمود أخلاق . جنود هذه الجبهة هم الذين يساندون  الآن المعركة الحالية بالتوعية النيرة ،وبث حرارة الروح القومية العربية الشاملة المعززة بقيم الإسلام العظيم التي ترى عدوها واحدا ومصيرها الوجودي واحدا .  

ثامنا : متخاذلو التطبيع ونذلاؤه بان أنهم لا شرارة حياء وإرادة لديهم لانتزاع أنفسهم من مستنقعه المتأسن المظلم ، فتابع إعلامهم تلعثمه وأكاذيبه ، ونقله لأخبار المعركة نقلا أعوج راشحا بالانحياز للعدو. وعاد سفير الإمارات في تل أبيب أحباء بلاده من جرحى العدو . 

" على قدر أهل العزم تأتي العزائم * وتأتي على قدر الكرام المكارم " . 

و " جزى الله الشدائد كل خير * عرفت بها عدوي من صديقي " .   

                               *** 

المستخلص المجمل من هذه الدروس هو :  نحن في مفترق تاريخي نحو نصرنا وعزتنا ،وعدونا في مفترق تاريخي لهزيمته وذلته . كتب جدعون ليفي في " هآرتس " : " شخصيا ، أرى نهايتنا كدولة قريبة جدا . " ، وقال أبراهام هاليفي رئيس الموساد الأسبق : " نحن على شفا كارثة . إنه ظلام ما قبل النهاية . " ، وقال الأكاديمي الأميركي اليهودي نورمان فنكلشتاين : " الحق الوحيد للإسرائيليين هو حزم أمتعتهم ومغادرة فلسطين . " ، أي لا حق لهم فيها . حيا الله _ جل ثناؤه _ مقاومة غزة الباسلة ورعاها ، ونصر الشعب الفلسطيني المجاهد وأمته ، وإلى جنة المأوى يا أرواح شهدائنا عند مليك مقتدر مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا! .  

وسوم: العدد 929