حيث ازدحمنا "الإخوان المسلمون" و"الشوعيون" في دار الأيتام في حلب

صفحات من تاريخ غير مكتوب 

حكاية دار الأيتام في حلب، حكاية طويلة، جميلة في بعض جوانبها، مؤلمة في أخرى. ربما مراجعة ما كتبه القائم الأول عليها المرحوم نجيب باقي يثير الشجون ويبعث الهمم. ففي تاريخنا كثير من النضالات المضمخة بعبير الانجازات الايجابية التي لا ينتبه لها أصحاب المعادلات الصفرية "كسرت كعوبها أو تستقيما"

من المفيد أن أذكر أن أول تأسيس لدار الأيتام في حلب، كان بتبرع كريم من المغفور له بإذن الله الملك فيصل الأول. هذا حسب توثيق من ندعو له بالرحمة والمغفرة "نجيب باقي" يقول إن الملك فيصل تبرع بأربع مائة ليرة ذهبية من ماله الخاص، لإقامة هذه الدار، لكل الأيتام في حلب دون النظر في مللهم. يقول المرحوم نجيب باقي، وصرنا إلى أرض الواقع، وجمعنا الأيتام المشردين في أزقة حلب فكان لدينا عدد كبير، ثم نظرنا -انتبهوا - فإذا كل الطوائف الأخرى لديها دور أيتام خاصة بأيتامها. إلا المسلمين حكاية قديمة. فقمنا بالتعاون مع تلك الدور، سلمناهم أيتامهم، واستلمنا منهم أيتامنا. وخصصنا هذه الدار لأيتام المسلمين...

هذا كله تاريخ قديم تجدونه في بطون الكتب وصفحات الدوريات ..

والذي أكتبه لكم من ذاكرتي..

أننا أفقنا في سبعينات القرن الماضي - في جماعة الإخوان المسلمين- فوجدنا دار الأيتام الإسلامية قد سبق إليها الشيوعيون، وركزوا عليها، على مستوى المعلمين. وعلمنا بالنظر أن هناك قرار استراتيجي بتجنيد طلاب هذه الدار . وتابعنا هؤلاء المعلمين يشحنون نفوس الأيتام الصغار بمزيد من النقمة "الحقد المقدس" مفجر الثورة. ويفتنون الكثير منهم عن دينهم. ويضمونهم في العمر المناسب إلى....

ثم نظرنا فوجدنا أن الاستحقاق الذي تقدمه الجمعية الخيرية القائمة على المركز للمعلم هناك لا يفي بحاجات الإنسان الأساسية. ومع أن وضع الجماعة الاقتصادي ليس كما يظن بعض الناس ويتوهمون، إلا أن القائمين على الأمر في الجماعة -يومها- اتخذوا قرارا، بتكميل راتب أي معلم يتقدم للعمل في الميتم الإسلامي، إلى استحقاق نظيره، العامل في وزارة التعليم العام..

وهنا بدأت مواجهة خفية بين الطاقم الشيوعي والطاقم الإسلامي. وكان أن أستلم أهل الصلاح والحمد لله زمام طبعا الأمر في هذه المدرسة. خلال مزاحمة هادئة استمرت لأعوام..

وكنت فردا في الحلقة التي تتابع هذا الأمر، وكنت أحد الذين يتلقون التقارير من الإخوة الذين انتدبوا أنفسهم لرعاية هؤلاء الأطفال. . ولم يكن لنا هدف في هذا إلا بناء شخصية اليتيم السوية المسلمة الخالية من العقد والانحرافات. وإعداده ليكون عضوا صالحا في بيئته وبين أهله.

على مستوى تفكيري الخاص كنت أرى هذه النجاحات الصغيرة والكثيرة التي كنا نحققها في مجتمعنا- رغم أنف السلطة وزبانيتها - أفضل من مائة عملية زيطة وزمبليطة يقوم بها البعض ويتضرر منها الكثيرون، ويصفق لها الكثيرون..

كان بناء ، وكنا نؤمن أن حجرا حجرا يعلو الدار ..

إلى كل المحسنين الكرام من وجوه أهل الخير الذين رعوا هذه الدار ومثيلاتهاوأنفقوا عليها من حر مالهم الرحمة وجميل الذكر وحسن الدعاء ..

إلى كل الأخوة الذين كان لهم يد إحسان وإصلاح في مسيرة هذه الدار. وفي قيامها في واجبها من الله الرحمة، ومن عباده الاحترام والتقدير.

كانت هناك محاولات حثيثة وقديمة لوزارة الأوقاف، ولمديرية الأوقاف لوضع يدها على دار الأيتام، ولا اعلم على أي وجه انتهى هذا ..

والذي أريد أن أختتم به هو أن دار الأيتام الإسلامية في حلب صرح يحتاج إلى العناية والرعاية والتركيز ولاسيما في هذا العصر البئيس . لا تنسوا أيتامكم رعاكم الله...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 967