لماذا استخفّت إسرائيل بالوسيط المصري؟

كان للمخابرات والدبلوماسية المصريتين دور مهم في المفاوضات التي أوقفت العدوان الإسرائيلي على غزة مؤخرا.

بعض وسائل الإعلام ألمحت إلى أن الاعتقاد لدى حركة “الجهاد الإسلامي”، التي كانت الطرف العسكري المستهدف في الحرب الأخيرة، أن المخابرات المصرية أبلغتهم أن إسرائيل لا تريد التصعيد وأنها سترد “بشكل إيجابي” على طلب إطلاق سراح أعضاء في الحركة تعتقلهم تل أبيب.

أدت هذه التطمينات، حسب المصادر الصحافية، إلى شعور لدى “الجهاد” بالاسترخاء والأمان، لتفاجأ الحركة بالهجوم الإسرائيلي ومقتل تيسير الجعبري وخالد منصور القياديين الميدانيين في “سرايا القدس” الجناح العسكري للحركة.

ردّت المقاومة الفلسطينية بإطلاق مئات الصواريخ وهرب سكان مدن بينها تل أبيب وعسقلان للملاجئ وأوقعت عدة جرحى إسرائيليين، وأدى العدوان الإسرائيلي إلى مقتل 44 فلسطينيا بينهم 15 طفلا، وإضافة للخراب الذي طال أبنية كثيرة، واعتقال 40 عنصرا من الحركة في الضفة الغربية، فقد توقفت محطة الطاقة الوحيدة في قطاع غزة عن العمل بعد إغلاق إسرائيل معبرا يوصل الوقود.

تدخل الوسيط المصري الذي قام برعاية اتفاق هدنة بين إسرائيل، من جهة، وحركتي “الجهاد” و”حماس”، من جهة ثانية، التزمت فيه القاهرة، حسب مصادر “الحركة”، بالعمل على الإفراج عن الأسيرين باسم السعدي وخليل عواودة.

حسب عدد الأمس من صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، فإن إسرائيل استخفت بالقاهرة، وذلك بعد تدخّل الرئيس المصري بنفسه، الذي اتصل برئيس وزراء حكومة الاحتلال يئير لبيد، الذي تجاهل وعده للسيسي بكبح جماح جيش الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة، وخفض عمليات الاعتقال والدهم التي يقوم بها، لتفادي اشتعال المواجهات والتصعيد مع الفلسطينيين مجددا.

الذي حصل عمليا كان أكبر بكثير من التجاهل فجيش الاحتلال ومخابراته كانا يخططان، في تلك اللحظات، لاغتيال قائد عسكري وقيادي بارز في “كتائب شهداء الأقصى”، الذراع العسكرية لحركة “فتح”، وهو يشبه ما حصل في عملية اغتيال خالد منصور، التي حصلت فيما كان المصريون يحثّون حركة “الجهاد” على التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار.

تشير هذه الوقائع إلى أن الحكومة الإسرائيلية، وأجهزتها الاستخبارية والعسكرية والدبلوماسية، تعمل بشكل منهجي على التلاعب بكافة الأطراف، وأن لا قيمة للالتزامات التي تلتزم بها أو التعهدات التي تعد بها، سواء كان الأمر يتعلق بمنظومة الأمن والسياسة العالمية، من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والدول الكبرى، وانتهاء بالدول العربية.

السؤال هنا: ما الذي يمكن لمصر أن تفعله لتثبت لإسرائيل أنها ليست الدولة التي يمكنها الاستخفاف بها؟

وسوم: العدد 994