شيء عن الإيمان.. والأحزاب الدينية.. والتطورات..

شيء عن الإيمان.. والأحزاب الدينية.. والتطورات..

عقاب يحيى

من سنوات مديدة.. ومن دروس التجربة، ووعي آثار الصراع بين الاتجاهات القومية ـ اليسارية ـ الوطنية ـ الديمقراطية.. وبين الإسلاميين... فتحنا حوارات طويلة، صريحة، والتقينا حول مشتركات هامة، وكانت الجبهة العريضة عنواناً لنا بمرتكزاتها الرئيس : الديمقراطية والتعددية ـ استقلالية القرار الوطني ـ التكافؤ والمساواة بين مكوناتها ـ نبذ العنف واستخدام القوة والالتزام بنهج الحوار والطريق السلمي في التعامل.... ثم في مسائل تفصيلية عديدة حول جوهر الديمقراطية، والتعددية، والانتخابات، وشكل الدولة التي يجب أن يتكون بعيدة عن الأدلجة والتجيير، وصندوق الاقتراع وتحديده لمن يختاره الشعب ..

ـ اتفقنا في مسائل كثيرة، واختلفنا في عدد منها.. وفي التكتيك والمواقف السياسية أيضاً.. من النظام والموقف منه، ورفض أي حوار ـ سابق للثورة ـ معه، لقناعة راسخة عندنا أنه لا يَصلح، ولا يُصلح، وأن السبيل الوحيد للتعامل معه هو العمل على تغييره وبناء البديل الوطني الديمقراطي، الحضاري، التعددي، الذي يحقق المساواة..

ـ في جميع الأحوال رفضنا الدخول إلى الاحتراب، وقاومنا شهوة البعض لرفع السيوف وشعارات الحرب والصراع، وحاولنا جهدنا أن يظل الحوار سبيلنا، وأن نحافظ على وتيرة من العلاقات الطيبة.. ومن ممارسة المكاشفة والنقد ـ من الجانبين ـ وتقدمنا.. خطوات مهمة على هذا الطريق.. رغم وجود عديد الملاحظات على بعض المواقف والتكتيكات.. وما يعتبر التباساً، أو تبايناً بين المعلن والباطن.. وموقع الثقة فيما يُطرح..

                                           ******

ـ وبغض النظر عن الموقف الشخصي ـ المعتقدي ـ  وعن الخيارات الفكرية التي ينتمي إليها كل إنسان.. وحقه في ذلك.. وهو حق لا يمكن المساومة عليه..

كنت أتفهم موقع الإيمان في شعبنا، والذي يتعزز ويقوى في الشدائد، وفي التضحية بالنفس والمال.. وكل شيء، وفي شعارات الثورة بصبغتها الدينية، والخروج من المساجد للتظاهر، والاتكاء على البعد الإيماني في الصبر واتحمل والبذل.. وكثير من مظاهر إسلامية طافحة على الثورة منذ ايامها الأولى، والتي لم يك منطقياً تجييرها لصالح تنظيم، أو جهة حزبية، ولا الوقوف ضدها بآن..

ـ لكن، ولأسباب كثيرة شديدة التداخل، منها الداخلي ، وفق مسارات الثورة وأزماتها، ودخولها ميدان السلاح ومفاعلاته واحتياجاته، ومنها الطبيعة البشرية، والسورية بوجه الخصوص.. وهناك العوامل الخارجية الرئيسة : دعماً وتمويلاً، وتسليحا، وتشجيعا، وإبرازاً.. وحشداً للمقاتلين من الخارج، أو من الساحات الخارجية، ومواقف المجتمع الدولي المتواطئة، والخاذلة درجة فتح الشهية للحديث عن المؤامرة على الثورة والشعب.. وارتدادات ذلك على صعيد الإيمان.. والتركيز على شعار" ما إلنا غيرك يا الله" وغيره من تحليلات طالما انتشرت عن الغرب الكافر، الحاقد، واليهود.. ثم المذهبية ووقعها، وسيوفها  المُشهرة، خاصة بعد التدخل السافر لحزب الله وابناء عمومته، وما يشبه الغزو الإيراني لبلادنا...

هذه العوامل ـ مجتمعة ـ سمحت للاتجاهات المتطرفة أن تجد مرتعها الخصب، وأن تصعد بوتيرة عالية، ثم تفصح عن طروحاتها الرافضة للديمقراطية، والدولة المدنية، والتعددية، والمساواة.. والتأكيد على الدولة ـ الخلافة ـ الإمارة الإسلامية : هدفاً، ومحتوى.... وبما يطرح اسئلة كثيرة عن ماهية الثورة، واهدافها.. وأين اصبحت، وعن القادم، بل وعن القابلية للحوار، والتعامل مع هكذا طروحات..

ـ وحين تبارك جماعة الإخوان المسلمين رسمياً " قيام الجبهة الإسلامية" ثم تتحدث بعد ايام عن إيمانها بالتعددية، وبأن الوقت غير مناسب لإعلان، أو قيام الدولة الإسلامية.. ألا يطرح ذلك سؤالاً كبيراً عن حقيقة موقف الجماعة؟؟... وهل هي مع الدولة الإسلامية، وفقط، كما جاء في إعلان مباركة قيام" الجبهة الإسلامية" وميثاقها؟؟.. أم أنها " تتكتك" منعاً للحرج، وكسباً للكسب؟؟...

ـ نعم من حق أي إنسان أن يؤمن بما يقتنع به، وأن يسعى لنيل ثقة الشعب.. لكن بالوسائل السلمية، وعلى قاعدة التعددية، وليس الشمولية، والفرض بقوة السلاح الذي ساهمت عديد الظروف في الوصول إليه.. وفي استخدامه وسيلة لتحقيق أجندات خاصة لم تك واردة، أو متفق عليها في غايات الثورة السورية وشعاراتها.. وجوهرها ..