حول موضوع المقاتلين الأجانب ومقامهم بيننا

إن الله لا يستحيي من الحق..

ولهؤلاء الإخوة الكرام الذين اندفعوا من أوطانهم نصرة ونجدة وغيرة وحمية، يستحقون منا كل التقدير والاحترام والتمكين والحماية والأسوة والسواء، في أمور العيش والرزق والفيء . نستقبلهم مهاجرين وقد جاؤونا في أول الأول أنصارا…

ولكن للقول فيهم وفي مكانتهم ذنابى لا بد أن تكون منا ومنهم بمحضر

الأول نذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم برواياته المتعددة: لا يؤم الرجل في سلطانه، ولا يؤم الرجل في بيته. والحديث في الصحيح عند الإمام مسلم وغيره.

فهؤلاء الأخوة مهما ضحوا، ومهما قدموا، ومهما أسعفوا، ولا ينكر عليهم شيء من ذلك بل يعترف لهم به، ويشكرون ويقدرون عليه.. ولكن لا يصلح أن يكون لأحدهم سلطة لا سلطان على المجتمع السوري، بكل تلافيفه وبكل من فيه. ويمكن أن يجنّس هؤلاء الأحباب ثم يكون من الجيل الثاني منهم جيل يندمج في المجتمع ويتقدمون على مكانتهم فيه.وقد سبق لنا واستقبلنا وفودا من المهاجرين على شتى الخلفيات..

والأمر الثاني وهو الأهم…

وهؤلاء الأخوة الأحباب وفدوا إلينا من أقطار مختلفة، وكلها ليست من صلب دار الإسلام.

ولذا فإننا سنجد في فقههم الإسلامي والاجتماعي، اختلافا يقل أو يكثر عن فقهنا نحن اهل الشام، وهذا مبحث مهم -أعود إليه فيما بعد إن شاء اللهه- ونجد أكثر فقه الغرائب لم يخرج لا من حجاز ولا من عراق ولا من شام…

فنحتاج، لكي يشعر هؤلاء الأحباب معنا بالراحة، ويكونوا عنصر استقرار، إلى مبادرتهم بدورات تفقيهية على مستوى الأصول والفروع، وتثقيفية بثقافة أهل الشام.. إن مجتمعنا العربي السوري بحاجة إلى فقه الحواضر الكبرى في العالم الإسلامي يتبادله، أخذا وعطاء، ولقد ورد في الحديث الإنكار على الذين يرتدون بعد الحضارة إلى حالة الأعرابية والبداوة، وقد أحرر لكم هذه المسائل في مرة أخرى…وكم أعجبني ابن القيم رحمه الله تعالى وهو يعظّم النكير على المفتي يفتي للرجل، وهو لا يعلم عُرف أهل بلده وعوائدهم..

أدعو مخلصا.. "لباب اللباب" من علماء أهل الشام متمثلين في فضيلة المفتي العام ومن كان من طبقته في العلم والفهم وجودة الفكر وجميل التقدير، أن ينظموا لهؤلاء الأحباب وأضرابهم من المتأثرين بهم، دوراتٍ تعليمية وتثقيفة بفقه أهل الشام وعوائدهم..

وربما يحتاج إلى هذه الدورات شريحة أكبر من السوريين والسوريات الذين واللواتي غلب عليهم وعليهن فقه الأعراب..جراء إقامتهم المتطاولة في تلك الديار..

لقد كان فقه الأعراب فتنة على المسلمين في هذا العصر عندما تشددوا، وها نحن اليوم نبتلى بهذه الفتنة حين يحاولون أن يتوسعوا أو يترخصوا..!!

لقد رابني والله أيما ريب حين وجدت وزير الخارجية يعين في وزارته طاقما من بناتنا المقيمات في الأقطار..

أولا ليس لي اعتراض على واحدة منهن، حتى لا يتصيد عليّ متصيد!!

ولكنني تساءلت بيني وبين نفسي ألم يجد السيد الوزير من الصبايا المقيمات في دمشق وفي حمص وحماة وإدلب واللاذقية وحلب وحوران والجزيرة.. صبية واحدة، تمتلك المؤهل.. لغة وحضورا…!!

أخذتني الغيرة على المقيمات مع أنني من الآفاقيين كما في مصطلح فقه الحج.

أذكر الشيخ مصطفى الزرقا رحمه الله تعالى يوم أعلنت فرنسة منع المحجبات من الجامعة، أنه أفتى الطالبات المسلمات هناك أن يؤثرن الالتزام بالدراسة، هو رحمه الله تعالى الذي أفتى، وليس أنا!! وعندما نوقش في ذلك أجاب لا أريد للبنات المسلمات أن يشتغلن في الرتبة الدون، هو استعمل كلمة أشد من ذلك…

لذلك قمت أنا مع قصوري وقلة حيلتي بتوزيع صورة الشهيدة بنان الطنطاوي بهيئتها عليكم وعليهن، وسألتكم: هي بنت مّن؟؟ هي زوج مَن؟؟

وللحديث حديث… يتبعه إن شاء الله

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1127