التدبير، العالي التأثير، الغالي التبذير

(نحن ماذا أو ماذا نحن – 4 من 10)

مصطفى منيغ

العميق من تاريخنا ، المستخرج من لدن العقلاء فينا متى شاؤوا مواجهة المستجدات غير السارة النائية بتقاليعها الممسوخة عن أعراف تربيتنا ووقعها الرشيد ، يشهد بدلائل قاطعة أن العيب ليس في التعليم بل فيمن أقره وهو يعلم (مثل أشياء أخرى) مستورد يتنفَّع به (غير أهالي البلد) مَنْ انتسب للضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط القائمة على خصوصيات أبعد ما تكون عن خصوصياتنا مضمونا وأفعالا . طبعا ثمة من يقول المهم أن نتعلم ولو استعنا بالصين ، أوافقه الرأي إن كان ما نتعلمه قيمة مضافة تُقَوِّي مداركنا للرسو على بَرِِّ صلب سليم نُشَيِّدُ فوقه بثقة تامة مستقبلا نتباهى به كغيرنا "أن لنا جماجم تحجب أمخاخا معبأة بما نستطيع ابتكاره أدوات لإنتاجنا الضروري كأقل واجب مطلوب منا تقديمه لصالحنا ومن يعيش معنا في هذا الوطن" . قد نكون أكثر دولة طبعت تعليمها الرسمي / العمومي بأكثر من تجربة على صعيد العالم العربي. لم نأخذ من الشرق شيئا ظل اتجاهنا في الصدد معلق بالغرب عموما وفرنسا بشكل خاص ومميز. حجة السلطة المعنية في ذلك أنها تتوصل بما يساعدها على مواجهة متطلبات المجال ماديا  ، متناسية أن ما تقدمه تلك الجهات باليمين تسترده باليسار ، والنتيجة ما وصلنا إليه من تأخر مكشوف لم يُعَبِّر من عِقْد مضى عن أي خير، إذ الغرض الدفين كان الحفاظ على المسار السلطوي أما الباقي فمغلوب على أمره والأيام كفيلة بتهذيب تلك واستيقاظ هذا ، ومن المفارقات العجيبة والغريبة غرابة هذا الزمن الرديء أن تستبدل تلك السلطات المعنية صمتها المدوي عن حالات انهيار تطال ميادين ذات ارتباط بتقدم الشعب وإمكانية حصوله ولو على نصف حقوقه ، أن تستبدل ذلك بما قد يؤشر أنها ماسكة من جديد ما تُصلح به شأن هذه الأمة ، وأنها مقبلة على مراجعة ما يضمن استعادة المياه لمجاريها الطبيعية . أمر محير حقا يصب في مجرى ذاك النهر الذي حاول من حاول إبعاده عن البحر بتشييد سد جد مكلف فكانت المياه أذكى منه بكثير إذ تسللت تحت الثرى لتحفر لنفسها مسلكا آمنا يلاقيها في عناق بأمواج بحر لا مجال لغير قوارب مصنوعة بأمجاد عمق تاريخنا المستحضر من العقلاء فينا متى شاؤوا مواجهة المستجدات غير السارة ، الإبحار به .

كلامي واضح موجه لقلة معروفة تتحمل وزر النصح بعد فوات الأوان حفاظا على ما يُبقيها على نفس النهج من التدبير، العالي التأثير، الغالي التبذير ، المجموعة خارج الدائرة المنتشرة بما لها من نفوذ تحرر التقارير بما يُوهم أن الأجواء على أحسن خير كأقل تقدير .وليس التعليم وحده من أوصلنا لما لا نُحسد عليه ولكن لانسداد مسلك التواصل مع القمة لتعلم أن المغاربة اليوم تعلموا بما فيه الكفاية ومن تلقاء أنفسهم واعتمادا على إراداتهم ليطالبوا بما هو أكبر أن يسود العدل وأن يُطبَّقَ القانون على كل حامل للبطاقة الوطنية أكان أميرا أو غفيرا .