الروس وتساقط الأنفس

مصطفى منيغ

الروس الرسميون أفرغوا "الفوتكا" في أكبر الكؤوس للهروب مما احتجب لديهم ردحا في الرؤوس . صعب عليهم  رؤية حليفهم بدليل الجرم ملبوس ، طالما تمسكوا مدافعين عن حماقاته عكس ما ترضاه عندهم غالبية النفوس ، لكن ما وقع قد وقع فلا "الفوتكا" ولا خمور العالم قادرة بها أن تنسى . الخطأ فادح والحصيلة ثقيلة ثقل الضغط على اخراج ما اندس ، لتصبح الفضيحة فضيحتان ، فضيحة "بشار المنشار" وفضيحة من حماه وعلى الشعب السوري بأكمله كان عبر التاريخ  الأقسى .

اللجنة توجهت حيث قُذِفَ بالكيماوي لتتساقط الأنفس بأعداد مهولة ، وعليها التصدي لكل مناورة يسعى بها "بشار"إبعاد التهمة عليه ، لكن الحق حق ولا يمكن تغطيته بالغربال ، فما كانت أمريكا أن تدفع بقطع من أسطولها البحري لشرق المتوسط والقيام بما تتطلبه معركة حاسمة من حيث العدد والعدة ، وإجراء كل تلك الاتصالات على مستوي رؤساء بعض الدول ذات الصلة الوثيقة بالموضوع ، واتخاذ ما يضمن التنسيق بينها وحبيبتها المدللة إسرائيل لو لم تكن مقتنعة تماما بما لديها من حجج قاطعة وبراهين ساطعة أن "بشار الأسد " له اليد باستعمال تلك الأسلحة الفتاكة المحرمة دوليا ، بل ولولا الأمر كذلك لما ظل الكهرباء ينير مكاتب في الكرملين (منذ المجزرة لحد كتابة هذا المقال) محتضنة أعلى سلطة في البلد لتكون على استعداد لمواجهة ما بعد الإقرار بكون بشار بالفعل أمر بإلحاق أبغض دمار مسلط على شعب سوري  يطالب بحريته وانعتا قه من نظام بعثي مقيت .

... طبعا "طبال" إيران ، ثرثار جنوب لبنان، العبد حسن ، لا يستطيع النوم هذه الليلة رغم انزوائه في مخبأ مدفون تحت الأرض على عمق لا يصله مفعول الصواريخ حسب ظنه ، محاط بحراس مدربين في دهاليز "قم" برعاية رأس الحربة المعروف بمكامن الرغبة الملخصة في بلع لبنان بعد سوريا لينفرد للبحرين ، لتتم فرحة الفرس في ذاك اليوم الذي يراه "الموعود" ونحن نبصره مجرد أضغاث أحلام تعرض لها ذاك الرجل "الممعود".

المملكة الأردية سيكون عليها التعامل بجدية حيال ما اتخذته عن قناعة من موقف، إذ المسألة تعدت العسكري المؤتمن على ممر يمارس فيه حق تنفيذ التعليمات بتكرار كلمة قف ثلاث مرات أمام كل قادم ، وإنما الالتزام بالمشاركة وما يترتب عليها من مسؤوليات ، خاصة وتشكيل خريطة شرق عربي على وشوك عرضها للتصويت السري وسط أطراف يمثلون التحاما حقيقيا مع الوضع الجديد ، لذا وعلى خلفية ما ذُُكر التدخل لا زال قائما حتى العاشرة والنصف ليلا بتوقيت المغرب (وأنا أحرر هذا المقال من مدينة تطوان القريبة من شبه الجزيرة الايبيرية) متسما بالضربة المحدودة الجد سريعة لإسرائيل فيه الحظ الوفير . الملك عبد الله بن الحسن ذكي ، حسبها بعقله فاختار المستقبل بدل الحاضر، والاستقرار بثمن معقول مقدور عليه بدل خسارة كانت تطوق وجوده لأول مرة على نفس الحدة ، صراحة هناك من يستفيد من المناسبات الكبرى القائم عليها التحول المشهود فيربح الكثير عن أسلوب شرعي لا غبار عليه ، وهناك من تسوقه العواطف الزائدة لاستقبال نفس المناسبات بحماس مفرط لا توازن يتخلل قدرته على امتلاك القوة اللازمة ، وما يتطلبه الصمود من نفس طويل ، على العموم عيون العالم شاخصة صوب المملكة الأردنية التي في 24 ساعة (غير معروف بدايتها) ستدخل التاريخ الإنساني من بابه الواسع وخلال الفترة سيتذكر الملك عبد الله بن الحسن ما علق بذهنه خلال آخر زيارة قام بها لروسيا ، وطبعا سيستقرئ ما كتبته شخصيا عن ذاك الحدث في إبانه تحت عنوان " الحل مسجون عند ملك الأردن".