لماذا خاب سعي المتآمرين على شعب مصر؟!

لماذا خاب سعي المتآمرين على شعب مصر؟!

بدر محمد بدر

[email protected]

هل تذكرون أكذوبة "العصيان المدني"، وفزاعة "إفلاس مصر اقتصاديا"، وخرافة "الحرب الأهلية"، وفوضى "إضراب أقسام الشرطة"، وأضحوكة "إعلان المحافظات استقلالها عن الدولة"، ومهزلة الحديث عن "بيع قناة السويس" أو تأجيرها، وهزلية الحديث عن "بيع أو تأجير آثار مصر"، وغيرها من أفلام الكوميديا السوداء.. أين هي الآن؟! ولماذا لم تستمر هذه الحواديت إلى النهاية؟!

لأن الكذب، كما يقال في المثل العامي، "ليس له رجلين"، أي أنه بلا أساس قوي يستند عليه لإقناع الآخرين، وطبيعي أن ينتهي هذا الكذب إلى لا شيئ كأنه قبض الريح، فما بالك إن كان هذا الكذب وذلك التدليس يتم على شعب كامل، بحجم ونوعية ووعي وتاريخ وحضارة شعب مصر، وما بالك إن كان هؤلاء هم من احترفوا الإفك والبهتان والتدليس طوال عقود، ويعرف عنهم القاصي والداني ذلك، لكنهم لم يستفيدوا من أخطائهم، ولم يحاسبوا على هذه الجرائم في حق شعوبهم.

الأموال التي أنفقتها دول وجهات وهيئات وأجهزة معروفة لكل مصري، وتولت عصابات وتيارات وشخصيات بلا ضمير وطني صادق، وبلا وازع ديني رادع، وبلا شعور بأنهم يشاركون في حرق الوطن وإرهاق المواطنين، تمويل هذه المشاهد الهزلية، وصناعة هذه الفقاعات الهوائية، ودعم هذه التصرفات العبثية، والساعات الطوال التي أهدرتها برامج ال "توك شو" في "تحليل" و"شرح" هذه المشاهد المصنوعة ضاعت سدى، ولم يمكث في الأرض إلا ما ينفع الناس.

الهدف من كل ذلك العبث على أرض مصر هو إجهاض ثورة شعب يريد الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، ورفض أي محاولة للتغيير إلى الأفضل بهدف إرهاق الناس، وإجهاد المجتمع حتى يقول الجميع: "كفرنا بالثورة وبالثوار، ومرحبا بحياة العبيد والمذلة والمهانة مرة أخرى"، ولكن هيهات، لأن كل المؤامرات على شعب مصر عبر التاريخ لم تفلح في تحقيق أهدافها، ولن تفلح كذلك مؤامرات هؤلاء المتآمرين في إرهاقنا، وسوف يبقى شعب مصر دائما أقوى من كل المؤامرات.

لو انشغلت هذه التيارات، التي تحاول دائما إشعال الفتن، وإحداث حالة من الفوضى والتوتر، وإثارة المتاعب والقلق، لو انشغلت بالبناء والعمل، ودعم التجربة الديمقراطية، وتقديم البديل السياسي والاقتصادي لما هو قائم، وإقناع الناس بما يطرحون من قضايا وأفكار، وساهموا في إنجاح أول تجربة ديمقراطية حقيقية بعد الثورة، لو فعل هؤلاء ما يقنع المواطن المصري البسيط بأنهم يعملون من أجله بالتأكيد لتغير الحال على أرض الواقع، ولانتهت هذه المرحلة الصعبة سريعا.

مصر الآن في حاجة إلى مزيد من العمل والبذل والعطاء والتضحية والتجرد، وهناك الملايين من أبناء الشعب الشرفاء في كل المواقع، يفعلون ذلك في صمت وحب، ولا يحتاجون من أحد جزاء ولا شكورا، كل ما يطلبونه من وسائل الإعلام أن تكون أكثر صدقا وتجردا من الأهواء، وألا تكون بوقا للأكاذيب التي تصنع الفتن، وتوتر الأجواء، وتغرس اليأس في النفوس، وتؤخر طريق الإصلاح الشامل، مطلوب من وسائل الإعلام أن تضع مصلحة الوطن العليا نصب عينيها.

كنت دائما طوال حياتي، وسأبقى بإذن الله، واثقا من الغد المشرق لهذا الوطن الحبيب، ومتفائلا بأن المستقبل القادم هو أفضل بلا شك من الحاضر، ومقتنعا بأن الشعب المصري الحر يظهر معدنه الأصيل في الشدائد والمصاعب، وأنه قادر على مواجهة المؤامرات والدسائس والمكائد، لأن تدينه الوسطي يمنحه الأمل، وصبره الطويل يعطيه القدرة على التحمل، وتاريخه العريق يؤكد قدرته على التعافي سريعا من أي جراح.

سوف يخيب سعى المتآمرين دائما، حتى وإن بدأوا في صنع أكذوبة جديدة.