التآمر القرمطي الصفوي على العروبة والإسلام 1-2

التآمر القرمطي الصفوي على العروبة والإسلام

د. أبو بكر الشامي

(1)

إن حقيقة المعركة بين العرب والمسلمين من جهة ، واليهود الصهاينة من جهة أخرى ، هي معركة عقيدة ومباديء ، وليست معركة ( أرض ) أو ( حدود ) أو ( مياه ) أو ( أسواق اقتصادية ) ..إلخ

والقضية تعود بجذورها إلى صدر الرسالة الإسلامية ، فلقد كان اليهود يعتقدون بأن خاتم النبيين سيكون منهم، وكانوا كثيراً ما يستفتحون به على العرب ، فيقولون لهم : إن نبياً قد أظلَّ ( قرُب ) زمانه ، فسنتّبعه ونقتلكم معه قتل عادٍ وإرم ، فلما جاء الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم من العرب ، غصّوا به وشرقوا ، وحسدوه وحسدوا أمته حسداً عظيماً ، وحملوا لها من الحقد والكيد والكراهية ما لا يوصف ، وناصبوها العداء ، وأشعلوا لها الحروب ، وأثاروا ضدّها الفتن ، ولا يزالون كذلك منذ ما يزيد على أربعة عشر قرناً .!

فمنذ ذلك التاريخ لم يهدأ لهم بال ، ولم تخمد لهم نار ، ولم يزالوا يدبّرون المؤامرة تلو المؤامرة ، والفتنة تلو الفتنة ، والاعتداء تلو الاعتداء حتى هذه اللحظة ...

فلقد تآمروا في صدر الدعوة الإسلامية ، على رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم لاغتياله ، مرّة بإلقاء الحجر الثقيل فوق رأسه ، ومرّة بدسّ السم القاتل في طعامه ... وهكذا ...

كما تآمروا على الدولة الإسلامية الوليدة في المدينة المنورة بجميع وسائل التآمر : الإعلامي ، والسياسي ، والاقتصادي ، والعسكري ، حتى أنهم تعاونوا مع الكافرين والمشركين والمنافقين ، وألبوا الأحزاب من كل أصقاع الجزيرة العربية لسحقها وتفكيكها ...!!!

ولكنّ أسود الإسلام كانوا لهم بالمرصاد ، فلقد سحقوا تجمعاتهم ، وأحبطوا مخططاتهم ، وكبتوا أحقادهم ، وفلّوا حدّهم ، واستأصلوا شأفتهم ، وشتتوهم في الأصقاع ، وجعلوهم عبرة لكل معتبر ...!!!

ولكنهم مع ذلك لم ييأسوا ولم يستسلموا ، وواصلوا حقدهم على هذه الأمة ، وتابعوا تآمرهم عليها وعلى دينها وعقيدتها ، وإذْ لم يتمكنوا بعد اليوم ، من التآمر العلني المفضوح ، فليكن تآمرهم إذاً سريّاً ( وباطنياً ) ومن وراء ستار ...

وهكذا فقد بدأ اليهود مرحلة صراع جديدة ، ينسجون فيها خيوط مؤامرة قذرة ، جوهرها : ( التآمر على القادة البارزين في الأمة لتصفيتهم ، وتفكيك أركان الدولة العربية الإسلامية من الداخل )...

ولتحقيق هذه الأهداف اليهودية القذرة ، كان لا بد من وضع خطة ستراتيجية محكمة ، ثم وضع آليات صبورة لتنفيذها ... وهنا لمعت فكرة جهنمية خسيسة ، في رأس يهودي يطفح بالأحقاد والأضغان على كل ما يمت إلى العروبة والإسلام ... وصاح بأعلى صوته : وجدتها ...!!!

إنها باختصار : نفس اللعبة القذرة التي لعبها جدهم ( بولص ) اليهودي لتحريف دين المسيحية إلى ( الصليبية الصهيونية ) ، وكذلك يجب تحريف هذا الإسلام العربي ، الذي أذاقهم كؤوس الذل والهزيمة إلى ( الشيعية الصهيونية ) ، عندها يمكنهم تحطيم ملكه ، والسيطرة عليه ...!!!

وانفرجت أسارير اليهودي الحاقد عبد الله بن سبأ ( ابن السوداء ) ، والتقط الفكرة المذهلة وقال : اتركوا لي تنفيذ هذه المهمة ...

وانطلقت الخطة ، وكان أول بند فيها هو قتل عملاق الإسلام ( عمر بن الخطاب ) رضي الله عنه ، الذي أدال الدول ، وهزّ التيجان ، ودوّخ الملوك ، وكان من أشدّ المسلمين عداوة لليهود والمشركين والمنافقين ...

والتقت على هذا المسلم العظيم أحقاد ( اليهودية ) و ( الصليبية ) و ( المجوسية ) ...

ونفد أمر الله ، وخرّ الفاروق شهيداً مضرّجاً بدمائه في محراب صلاته ، وتبين بما لا يقبل الشك : أن القتلة هم ممثلو ذلك الثالوث الحاقد ، عبد الله بن سبأ ( اليهودي ) وأعوانه وأدواته ، وجفنة الصانع (الصليبي) وأبو لؤلؤة ( الفارسي المجوسي ) ...!!!

فاليهودي : هو الذي وضع الخطة ، والصليبي : هو الذي صنع الخنجر المسموم ، والفارسي المجوسي هو الذي باشر التنفيذ بيده الشلاء  ... وباستشهاد الفاروق رضوان الله عليه ، انكسر باب الأمة الذي لن يغلق إلى قيام الساعة ...

( 2 )

وما إن نفض المسلمون أيديهم من تراب الفاروق رضي الله عنه ، حتى بايعوا لخليفته من بعده ، عثمان بن عفان ( ذي النورين ) رضي الله عنه ، فسار بالأمة على منهج العمالقة الذين سبقوه ، وخفقت راياته فوق المشارق والمغارب ، فغصّ به اليهود _ مرّة أخرى _ وشرقوا ، وعلموا أنهم كلما قتلوا قائداً للأمة أنجبت ألف قائد ، فهي أمة القيادة والريادة والقدوة ، عندها أضاف أساطين اليهودية إلى خطتهم الخبيثة عنصراً جديداً ، ألا وهو : ( قتل القادة وتحريف الدين )...!!!

وانطلق اليهودي بن اليهودية ( بن السوداء ) عبد الله بن سبأ ، يجوب أرجاء الدولة الإسلامية من مشرقها إلى مغربها ، يبث سمومه ، ويتقيؤ أحقاده ، وينشر بين رعاع الناس ، والدهماء من العامة ، والموتورين من أصحاب السوابق _ من الذين نالهم من أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه وعماله ما يستحقون من العقوبة والقصاص ، جراء مخالفات ارتكبوها _  أقوالاً وأفكاراً لا عهد للعرب والمسلمين بها ، ولم يسمعوا بأمثالها من قبل ، وكان ابن السوداء قد استوحاها من تقيؤات تلموده الحاقد ، وخرافات توراته المزوّر ، مثل :

( الطعن في خلافة الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان ) رضوان الله عليهم .

وابتداع ( أحقية علي في الخلافة ) و ( أكذوبة النصّ عليه من الله ورسوله ) و ( أكذوبة أنه معصوم )  و ( أن الصحابة غصبوه حقه في الملك ) وأمثال هذه الافتراءات والأكاذيب الوضيعة ...

و القول : ( إن لكل نبي وصي ، فمحمد هو النبي وعليّ  هو الوصي ) .

وهو أول من ابتدع عقائد ( الرجعة ) و ( العصمة ) و ( التقية ) وغيرها من العقائد الفاسدة المستوحاة من اليهود والصليبيين والبوذيين وغيرهم ...  كما أنه أول من تجرأ على الصحابة الكرام رضوان الله عليهم فخوّنهم وكفّرهم ... وغير ذلك كثير..

ولقد اعترف بهذا كبار الشيعة ومؤرخوهم ، فهذا هوالكشّي ( كبير علماء التراجم المتقدمين -عندهم -الذي قالوا فيه : إنه ثقة ، عين ، بصير بالأخبار والرجال ، كثير العلم ، حسن الاعتقاد ، مستقيم المذهب )  يقول : وذكر بعض أهل العلم أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ، ووالى علياً عليه السلام ، وكان يقول  _ وهو على يهوديته _ في يوشع بن نون وصيّ موسى بالغلو ، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في علي مثل ذلك ، وكان أول من أشهر القول بفرض إمامة علي ، وأظهر البراءة من أعدائه ، وكاشف مخالفيه ، وكفّرهم ، ومن هنا قال من خالف الشيعة ، إن التشيع ، والرفض ، مأخوذ من اليهودية ( "رجال الكشي " ص 101 ط مؤسسة الأعلمى بكربلاء العراق ).

ونقل المامقاني ، إمام الجرح والتعديل ، مثل هذا عن الكشي في كتابه " تنقيح المقال " ( "تنقيح المقال " للمامقاني ، ص 184 ج 2 ط طهران ) .

ويقول النوبختي  في كتابه  فرق الشيعة  : ( عبد الله بن سبأ كان ممن أظهر الطعن على أبى بكر، وعمر، وعثمان ، والصحابة ، وتبرأ منهم ، وقال إن علياً عليه السلام أمره بذلك ، فأخذه علي ، فسأله عن قوله هذا ، فأقرّ به ، فأمر بقتله فصاح الناس إليه ، يا أمير المؤمنين !  أتقتل رجلا يدعو إلى حبكم ، أهل البيت ، وإلى ولايتكم ، والبراءة من أعدائكم ، فسيره (علي ) إلى المدائن (عاصمة فارس آنذاك ) ... وحكى جماعة من أهل العلم ، من أصحاب علي عليه السلام : ( إن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ، ووالى عليا عليه السلام ، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى عليه السلام بهذه المقالة ، فقال في إسلامه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في عليّ عليه السلام بمثل ذلك ، وهو أول من أشهر القول بفرض إمامة علي عليه السلام ، وأظهر البراءة من أعدائه ، وكاشف مخالفيه ، فمن هناك قال من خالف الشيعة أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية) .

وذكر مثل هذا مؤرخ شيعي في (روضة الصفا) : (  أن عبد الله بن سبأ توجه إلى مصر حينما علم أن مخالفيه (عثمان بن عفان ) كثيرون هناك ، فتظاهر بالعلم والتقوى ، حتى افتتن الناس به ، وبعد رسوخه فيهم بدأ يروج مذهبه ومسلكه ، ومنه : إن لكل نبي وصياً وخليفة ، فوصيُّ رسول الله وخليفته ليس إلا عليا المتحلي بالعلم ، والفتوى ، والمتزين بالكرم  والشجاعة ، والمتصف بالأمانة ، والتقى ، وقال : إن الأمة ظلمت عليا ، وغصبت حقه ، حق الخلافة والولاية ، ويلزم الآن على الجميع مناصرته ومعاضدته ، وخلع طاعة عثمان وبيعته ، فتأثر كثير من المصريين بأقواله وآرائه،  وخرجوا على الخليفة عثمان ) . انظر ( روضة الصفا)  في اللغة الفارسية ص 292 ج 2 ط إيران.