ما الذي جرى

عقاب يحيى

قبل نصف شهر تقريباً كانت كثير المعطيات، و"المعلومات" تشير إلى قرب نهاية الطاغية الصغير..

تفاصيل كثيرة تناقلها المهتمون.. و"مبادرات" قابلة للحياة.. وجاء حديث فاروق الشرع وكأنه تتويج.. ثم .... ثم.. حصل شيء آخر ..

ـ تبخّرت تلك المعلومات، على الأقل فيما يظهر الآن.. لم يهرب، أو ينتقل للساحل كي يقاتل من هناك في حلم ميّت.. وروسيا التي قيل الكثير أنها أبرمت اتفاقاً مع الأمريكان برسم التعميم، والذي " سرّبت" معظم بنوده.. عادت للتصلب على لسان وزير خارجيتها الذي يبدو أنه يتعلم من المعلم دروساً في المراوغة وعرض العضلات الشحمية..

****

بعض الناس تفاؤلوا بإمكانية الوصول إلى تسوية تحقن قليلاً من الدم الجاري، وتحدّ من فظائع الدمار والخراب، ومن احتمالات مفتوحة على تدخلات خارجية متعددة الأطراف.. ناهيك عن " حرب طائفية" يذرون قرونها من زمان، ويروّج لها نظام الطغمة ومعه عديد ممن يريدون الهروب من التزاماتهم.. في الدول الغربية.. لذلك انفتحت الشهية على القبول بها.. وكأنها حقيقة، وكأنها صارت في الجيب وما على المعارضة سوى قبولها و" التنازل" ولو قليلاً.. وهذه القليلاً تتراوح بين القبول بكافة البنود المسرّبة، بما فيها تحمّل مسؤولية أن يبقى القاتل حتى العام 2014.. ولو بصلاحيات محدودة، أو رمزية.. وبين من يطالب بفرض الشروط التي لن يقبل شعبنا بأقل منها، والمتبناة من المعارضة، والإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة : تنحية رأس النظام ورموزه، وتحويل المتورطين بالقتل للمحاكم، وبعدها يمكن بدء مفاوضات عن المرحلة الانتقالية ومهامها.. وكيفية مواجة الفترة الحالية وما تحتويه من مسؤوليات ومهام .........

****

بدلاً من ذلك يصعّد المجرم من عنفه، ويبرز أنيابه الأشد حقداً فئوياً، ودموياً.. وينشر اشرطة مقصودة لمزيد التخويف، وكأنه يريد القول : ما زلت بقدرة سفك المزيد من الدماء، والمزيد من الدمار، والمزيد من الخراب، والمزيد من التصعيد الفئوي، والمزيد من الاعتقالات واستخدام أسلحة أكثر فتكاً..

ـ وبالوقت نفسه حاول التعمية على ما قاله الشرع، معتبراً تصريحاته مجرد رأي لمواطن من بين 23 مليون..سوري !!!!!( كما هي الحقيقة).. بينما تراجع الروس في تصريحاتهم، وأثناء لقائهم بالأخضر الإبراهيمي الذي بدا عليه اليأس..

ـ هل حُقنت الطغمة بدفعة إيرانية قوية، ومن حزب الله ؟؟...

ـ هل جاءه مدد من الحلفاء الروس، أو من العراق المؤيد له، وغيرهم حتى يظهر أكثر تشدداً ؟؟

ـ أم هي محاولة لتحسين شروط المقايضة؟؟

ـ أم هو النزع الأخير قبل النهاية المحتومة ؟؟..

****

سنكرر دائماً أن الوطنية السورية بمختلف فروعها لم ترفض يوماً المبادرات التي تحقن الدماء وتصون الوطن من كل المخاطر، وأنها، وانطلاقاً من حرصها على بلدها، وعلى الثورة والمستقبل، قبلت بالمبدأ وأعلنت ذلك، وحين وضعت شروطاً فهي بالحقيقة الحد الأدنى الذي لا يمكن القبول بأقل منه، فشعبنا أصدر حكمه القاطع بالقاتل، ولن يقبل بظروف تمكنه أقل من إنزال القصاص العادل به كمجرم وقاتل مسؤول عتن دماء عشرات آلاف الشهداء، والكثير من الفظائع.. ولن يقبل، او يتجرّأ أحد أن يوافق على بقاء القاتل وزمرته يوماً واحداً..دون أن يشمل ذلك بقية عناصر النظام الذين لم يتلوثوا بالدماء، ولا موظفي الدولة وإطاراتها، ومؤسساتها ..

لكن الأمر لم يكن يوماً مرتبطاً بالقوى الوطنية السورية.. بل بالفاعل المجرم الرافض لكل أنواع المبادرات والحلول.. منذ فجر الثورة وحتى الآن ..وسيستمر في نهجه ـ الطبيعي ـ هذا.. حتى النهاية ..الأمر الذي لا يُبقي خيارات كثيرة أمام شعبنا وثواره.. وهو يعرف حجم التضحيات التي سيقدمها، والمخاطر المحيقة، والاحتمالات الممكنة.. لكن لا خيار.. لأنه لا مكان للتراجع، ولا الاستسلام ..