أنتَ لستَ إلهاً لِتُتَّبَع

سمر مطير البستنجي

سمر مطير البستنجي

مدخل..

لأنني أتقنتُ فنّ الصَّبر حمّلوني وِزر صبري.. ..فبِئس هُمْ وما حمّلوا..

ولأنني ورثتُ العَفو علّقوا على عُنقي خَطايا أسلافي..فبئس هُمْ وما علّقوا ..

ووقت أجَدْتُ التسامح ظنّوا أن بي هشاشة وضعفا..فبِئس هُمْ وما ظنّوا.

فأيّ صبرٍ وأيّ عفو وأي تهجّد وأي ابتهال سيمحق ذنبهم ويقطع دابرهم من كنيف دواخلي ؟؟؟

بي كلام يُطيل الأنين ويتوجع..ونبضي مُبعثر يَحبو أحيانا ويتوهُ أخرى فأقتفي باستشعار الطبيب بَعضَهُ أثرا..وبي غِصّة تُثير فيّ زوبعة انفعالات لا تَعي معنى الهدوء..

وبي حيرة تتغذّى على ما لذّ مني وطاب..حتى بِتُّ أكرهني أحياناً..

فعلامَ هُم يعاقبونني ؟؟! وإلامَ هُم يَطمحون؟!

أيعاقبونني على حُسن صبري؟! وهل في شريعة الله عقوبة للصابرين؟

لبستُ ثوب الصَّبر مَفازة فإذا بي قد كبرتُ بالهمّ وهو عليّ قد ضاقَ، فأُصَبتُ باختناق حواسٍ وعُسر انطلاق ..ولمّا بات كلّ ما فيّ طاقة تَهمّ أن تتفجّر ! قررت خلع ثوبي الذي ضاق...فأنكروا منّي النضوج والتحرّر من ضيقي والاشتغال بي عنهم..

فيا ويحهم!

أيظنونَ بأن شجرة صَبري دائمة الخُضرة ؟!

وأنني زرعٌ ملائكيّ - لا من طينٍ قد يغرق في بِلّته أحيانا..أو أنني قد أتعثّر في لحظة صبرٍ منسيّة فأغادر طبيعتي؟

فويحهم..وويح صبري والجروح قِصاص..!

خَلعَتني بفضلكَ يا صبر قُدرتي..فترفّق!

وعلمني كيف أُنكركَ أحيانا...فَبي من الضّيق ما لا أطيقُ له صَبرا.. وكفاكَ عليّ سَلطنة..وكفاني لك اتِباعا..

فأنت لستَ إلهاً لتُتّبع..لستَ إلهاً لتُتّبع...

فما عاد لي عليك يا صبر صَبرا ..وما عاد فيّ موضع لجرح جديد،أو لطعنة حبيب أو رمية حاسدٍ..

فليحذروا غَضبة الحليم إذا غضِب.. وليعلموا..!

أنّي تبرّأتُ من صبري وأنَاتي..وبصمتُ بها عشرا..وردّدتُها مثنى وثلاث وبلا عددٍ، إنّي تبرّاتُ من صبري فامنحوني من زمرة الصابرين عفوا..فما عدتُ قربانا باسم الصبر عليه يتنازعون.وعلى روحه يساومون..

اني تبرّأت من ضعفي وصبري وما يزعمون...

فأنت لست يا صبر إلهاً لِتُتّبَع..

أنتَ لستَ إلهاً لِتُتَّبَع..

لستَ إلهاً لِتُتَّبَع.

فيا مولاي..!

امنحني فتيل قوّة لأناور من أجل حريتي..واخرج فتيةً قويّة من قُمقم صبري..وأتحرّر من لينٍ ينهشُ أضلعي..فلقد عوقبتُ يا ربّاهُ على خُلقي وأنَاتي وحسن صبري..فلا عاصم لي اليوم من ظلمهم إلاّكَ يا ربِّ....إلاّكَ أنتَ يا ربِّ..

فأعِني بقوّة فيخيب في ضَعفي ظنّهُم... وامددني بعمر فيخيبُ في موتي رجاؤهم..

مخرج...

الأمور بخواتيمها...

وقد تلزمنا الصَّفعة أحيانا لنصحو....

فمن ذا الذي يحمل للعالمين البِشارة..

إنني قد خيّبتُ في موتي ظنّهم ولا زلتُ بالله أحيا...

فما كنتُ يوما إلاّ من الذين إذا تأذّوا استبشروا..

واذا ظُلموا الى الله فروا..الى الله وحدهُ فرّوا...