أيلول... وعشرون عاما في مهنة المتاعب

أيلول... وعشرون عاما في مهنة المتاعب

علاء المشهراوي

ينسل ايلول متسللا وانا اراود قلمي ليخط شيئا عن ذكريات عشرين عاما وانا

منغمس في مهنه المتاعب ... ترجع بي الذاكره الى ايلول 1992 حيث كان مؤتمر

مدريد اول عمل صحفي خضته قبل ان انتقل الى حدث رهيب انذاك بتغطيه الابعاد

الى مرج الزهور ... كانت البدايه عاصفه ولكنها كانت ممتعه فقد انطلقت

انذاك وانا ابن الرابعه والعشرين بكل جد وجهد ...كانت هذه الخطوة الاولى

التي اتحدث عن مبتداها و لا يعلم الا الله منتهاها .

رغم صعوبه بداياتي التي كانت في صحيفه النهار باسمي المعلن وفي صحيفة

الحق والحريه باسم وهمي خوفا من ملاحقه الاحتلال لانها تصدر داخل الخط

الاخضر باسم الحركه الاسلاميه وكان الاسم علاء الدين صادق هذه الصحيفه

افسحت صفحاتها لي بسخاء لاسطر عشرات المقابلات مع اهالي مبعدي مرج الزهور

واعنز كذلك بذكر ملف خاص عن الاسير يحيى السينوار وقد كان انذاك زميل

الدراسه في الجامعه الاسلاميه حينما حكمت عليه محاكم الاحتلال مع الاسير

روحي مشتهى باحكام قاسيه لتاسيسهما حهاز مجد الامني .

اذكر فيما اذكر مشاهد لافته لا تغيب عن الذكرى من زملاء الدراسه الى جانب

السينوار عبد الله ابو السبح وزير الاسرى الحالي وكان رئيسا لمجلس الطلبه

ورئيس الوزراء اسماعيل هنيه وفتحي حماد وزير الداخليه وزميلي الصحفي

زكريا التلمس ومحمد دحلان القيادي في فتح وغيرهم الكثير كانوا في تلك

الفتره ابرز قيادات الحركة الطلابيه وقد عاصرتهم في الجامعه الاسلاميه

...ما اجمل استرجاع صورهم وهم طلاب مجتهدين ونشطاء يافعين ..ولا انسى

مناظراتهم السياسيه امام الطلبه باسلوب ديمقراطي جميل رغم ضراوتها فقد

كانوا في النهايه يتفقون على انهم موحدون في وجه الاحتلال .

رغم ان قسم الصحافه والاعلام قد انشيء ذلك العام الا انني مارست الصحافه

من اول يوم دراسه ولا انسى تشجيع الدكتور الرائع نشات الاقطش وهو من سكان

نابلس وكان مؤسس ورئيس القسم انذاك ... وكانت تلك السنه تشهد اعاده

افتتاح الجامعه الاسلاميه بعد اغلاق الاحتلال لها لخمس سنوات أي مع

اندلاع الانتفاضه الاولى – انتفاضه الحجاره - عام 1987م ...هذه

الانتقاضة التي نسينا ذكراها كما نسينا ذكرى الانتفاضه الثانيه – انتقاضه

الاقصى – والتي لاحت ذكراها الثانيه عشر يوم السبت الماضي وكذلك ذكرى

استشهاد محمد الدره في 30 ايلول 2000م

هاهي الذكريات تعصف بي في ايلول المنسل من بين اصابعي ... ايلول الذي

يحمل الذكريات العاصفات ففي اليوم السابع منه ولدت عام 1968 وفيه تنفست

العمل الصحفي عام 1992م ...وفيه مات والدي – رحمه الله - عام 1998م انه

شهر يحمل في نفسي الكثير الكثير .

عشرون عاما والذاكره تنزف ... اذكر في عهد الاحتلال البغيض كيف اعتقلت في

مخيم جباليا اثناء تغطيه الاحداث هناك وكان معي الزميلين عماد الافرنجي

ويوسف احمد .. وكيف كنا نواجه الاحتلال بكاميراتنا المتواضعه ونوثق سقوط

الشهداء والجرحى وانتهاكات الاحتلال عن كثب ...خاصه تلك المواجهات التي

تقع في ميدان فلسطين وقرب مفترقي السرايا والجندي المجهول وفي الشيخ

رضوان.

وتمتد الذاكره باستمرار العمل مع انسحاب الاحتلال في ايار 1994 وكيف

استقبلنا الزعيم الراحل ياسر عرفات قادما عبر معبر رفح .. ثم تبدأ مرحله

جديده في بدايات السلطه بقياده حركة فتح التي امتدت 12 عاما تعرضت خلالها

للاعتقال ايضا بسبب العمل الصحفي وهذه المره من قبل ابناء جلدتنا حينما

كتبت ضد الفساد الى ان كانت نهايه حقبه فتح في السلطه باحداث الفلتان

الامني المفزع ثم الانقسام المرير ثم جاءت حركه حماس الى الحكم بعد ان

فازت بانتخابات 2006 قبل تقلد مقاليد الحكم عام 2007 فخيم الحصار الغاشم

على قطاع غزة ، وقد تعرضت ايضا للاعتقال في ايلول 2009 وتدخل المخلصون

وانتهت المحنه ... انها مهنه المتاعب وهل يعقل ان تفرش لنا الارض ورودا

ونحن نبحث عن الحقيقه التي يكرهها الكثيرون ولكنها تستحق ان نستشهد من

اجلها لا ان نعتقل فقط .

عشرون عاما ...كم كتبنا من الاخبار والتقارير وكم انجزنا من المقابلات

والتحقيقات .. في حقبات ثلاث الاحتلال ثم فتح ثم حماس ... هذه العشرون

الثقال ذهبت ولكنها بقيت في الذاكره وبقيت اثارها وجراحها والاهم من ذلك

ثوابها عند الله ... فقد اقسمنا كصحفيين ان نقف الى جوار شعبنا في معاركه

ضد الاحتلال والفساد والحصار ... فكلمه الحق اعظم جهاد واعظم شرف وتستحق

منا ان تسيل من اجلها قطرات دمائنا وعرقنا ومدادنا .... فان لم يلق

الانسان تكريما من اهل الارض فرب السماء لا يضل ولا ينسى ... وصدق اعز من

قائل : انا لا نضيع اجر من احسن عملا . صدق الله العظيم