عرب تيتانيك المنسيون

كاظم فنجان الحمامي

عرب تيتانيك المنسيون

92 لبنانياً ومصري

1912 - 2012

كاظم فنجان الحمامي

[email protected]

">

في لائحة ركاب سفينة «تايتانيك» التي غرقت في مثل هذا اليوم من العام  1912، أسماء لعرب كانوا مسافرين على متنها. لكنهم منسيون في الأعماق, وبالكاد ذكرهم العالم طوال 100 عام على أسوأ كارثة مدنية عرفتها البحار,  ولا نجد ما يشير إليهم إضافة إلى لائحة الضحايا الذين بلغوا 1500 ضحية من اصل 2200 راكب، سوى لقطة من فيلم «تايتانيك» لمخرجه الكندي جيمس كاميرون في 1997، وفيها نسمع «يلا يلا» تقولها أم بلهجة لبنانية وهي تستعجل ابنتهاللفرار من السفينة حين بدأت تغرق. ويرد زوجها مهدئا من روعها: «بس بس خليني شوفلك» وهو مرتبك يقلب صفحات في ممر في الدرجة الثالثة من السفينة. كان الزوج المسكين يبحث في صفحات كتيّب يحتوي على بيانات السفينة عن مخرج في الممر ليعبر منه هاربا مع عائلته، وبعد هذه اللقطة التي دامت 6 ثوان فقط من الفيلم الهوليودي لم نعد نسمع أو نرى ما يذكرنا بعرب (تايتانيك) ،

 فيما استمر العالم يتذكر ضحاياها الآخرين في كل مناسبة، وذروتها أول مئوية تمر على غرقها اليوم وأكثر من تعرض في لبنان للخسارة بغرق «تايتانيك» هي قرية كفرمشكي في البقاع الغربي التي خسرت وحدها 13 من أبنائها في الكارثة من اصل 59 ضحية وقتها. وقال رئيس بلدية كفرمشكي خليل السيقلي ان القرية التي لا يزيد سكانها الآن على 500 نسمة «ستقيم قداسا في كنيستها غداً عن أرواح قتلاها، وستقف دقيقة صمت إجلالا لهم» وفق تعبيره. كما ستقيم قرية حردين في الشمال اللبناني الشيء نفسه أيضا حيث قال رئيس بلديتها باخوس سركيس عساف ان 11 من ابنائها فقدوا اثناء الكارثة وهم يرددون ابياتا ارتجلها احدهم على شكل زجلعندما عرفوا ان الموت في طريقه اليهم بقولهم :«ابكي ونوحي يا حردين... عالشباب الغرقانين، غرق منك حد عشر شاب... بسن الخمسة وعشرين».وروت الكاتبة الأميركية السورية الأصل ليلى سلوم الياس نقلاً عن ناجين رؤوا ما حدث لذويهم في ما بعد، أن عددا من اللبنانيين تم قتلهم بالرصاص لعدم انصياعهم لأوامر حرس السفينة، وقالت إن السبب الرئيسي في مقتل أحدهم كان لأنه حاول الوصول الى قارب نجاة ليحتل مكانا فيه كان يسعى إليه آخر من ركاب الدرجة الأولى. على متن السفينة كان العشرات من المسافرين العرب، وهم 92 لبنانياً ومصري واحد ممن وردت اسماؤهم في اللائحة الرسمية للركاب الذين لا يوجد إلى الآن تصنيف لهم بحسب الجنسيات، حتى ولو في «إنسكلوبيديا تايتانيكا» وهي الأدق والأغنى بالمعلومات عن السفينة لأن بعض الأسماء تمت ترجمتها كما يبدو، فمن كان اسمه يوسف أصبح جوزف، وبطرس أصبح بيتر. أما عن «لبنانية» الركاب، فدليلها أنهم كانوا من سكان مدن وقرى موجودة في لبنان حاليا،

وليس لأن وثائق سفرهم كانت لبنانية، انما عثمانية تشير الى أنهم من سوريا كمنطقة جغرافية تشمل سوريا ولبنان وفلسطين والأردن ذلك الوقت، لا سوريا الدولة الحالية. ولعل الدليل السياحي المصري حمد حسب الله الذي نجا من السفينة هو أشهر مسافر عربي في «تايتانيك» لانه كان برفقة أحد مشاهير اميركا الملياردير هنري سليبر هاربر وزوجته اللذين دعوا حسب الله ليرافقهما في الرحلة على «تايتانيك» واشترى له تذكرة بالدرجة الأولى. ونجا هاربر وميرا وحسب الله لأنهم كانوا أول من هرع الى موقع زوارق النجاة، والدليل أن المركب الذي أقلهم هو الرقم 3 من بين 20 زورقا كانت في السفينة، وكان من المفترض عدم السماح لهاربر ولحسب الله بركوبه، لأن الأوامر كانت بنجدة النساء والأطفال أولا. وحظ اللبنانيين مضى الى الأسوأ ذلك العام، فأول المتوفين من جميع من نجوا من كارثة «تايتانيك» البالغ عددهم 35 لبنانياً كانت الطفلة (مريم نكد), التي توفيت في 30 تموز 1912 بداء السحايا. بعدها بأقل من أسبوعين، أي في 12 آب ذلك العام، توفيت الثانية ممن نجوا: اللبنانية (يوجينيا بعقليني). .