الشهرة ليست معيارا للحكم على الشاعر وشعره

الشهرة ليست معيارا للحكم

على الشاعر وشعره

محمد فريد الرياحي

[email protected]

ليست شهرة الشاعر بالمعيارالمعول عليه في معرفة

الشعر أخباره وأسراره، شاعريته وفاعليته، سيرورته

وصيرورته، كينونته وديمومته. ليست هذه الشهرة بالتي

ينطلق منها، ويصدر عنها، في الحكم على الشاعر أجاء

بالبديع من العبارة، والرائع من الإشارة، فهو متمكن من

الشعر، قائم عليه بالحجة، مقيم فيه بالدليل، مالك لأقطاره

مطلع على أقداره، بالذي يملكه من سلطة الكلام التي ما

ملكها شاعر إلا وعلا قدره، فاستوى في العلو سره

وجهره، ونهيه وأمره، وذكره وخُبره،فهو في الأرض

راسخ، وفي السماء باذخ، لايقدر عليه أحد من الشعراء،

ولا يجاريه أحد من الأدباء، لما مُكـّن له فيه من الرفعة

التي عز من يطاولها، وبُزّ من يصاولها، في حلبة

السباق، حين يكون إلى السبق المساق. قلت ليست

الشهرة بالحكم الفيصل على شعر الشاعر فكم من شاعر

مشهور لأسباب تحكم عليها بما شئت من الحكم، ولكنك

لا تستطيع أن تحكم عليها بالشاعرية. ودعك من التطبيل

والتزمير لشاعر لا نعرف من شاعريته إلا قول الشهرة

عنه إنه شاعر، بل شاعر بإضافة النعوت التي تـُكـْبـِره

وتضعه في مقام علي مع العباقرة والنوابغ، وأنى له

أن يدخل إلى الشعر من الباب الضيق. ألم يقبـّل الأقدام

ويمسح بالأعتاب؟ألم يشتر الأقلام، ويكترالكتاب من

أجل تحقيق الأحلام وبلوغ الأسباب؟ فلما خلا إلى

نفسه، وجد عندها الخواء والهواء، فهي لا تقدر على

 شيء مما أملته عليه من الهراء، فهو يعمل به فيما

ملكه من سطوة الهذاء، وهي لا تستطيع أن توحي

إلى نفسها بأنها في الموقف الصحيح،والمسلك الرجيح،

فيولي شاعر الشهرة فرارا من سوء ما رآه  من الوهم

وعلمه من الغم،فإذا هو يضحك من نفسه،وعلى الذين

 نصروه، وهم يجهلون أنهم نشروه، فأي طريق يسلك،

وأي نهج ينهج، وقد استيقن أنه لاحيلة تنجيه مما هو فيه

من قبح المصير،وشر المنقلب؟ إن شهرة الشاعر

 وعرفت أخبارها، وتبينت من آثارها أقدارها، لا تعدو

 أن تكون شهرة خاطئة كاذبة، أو شهرة ليس لها ما

يؤيدها من الأشعار الواهبة. فاخترأيها الشاعر إذن

نهجك الذي يدل عليك في القصيد، ولا تغتر بما يلوح

لك من حب الحصيد.