رحلة إلى المستقبل من قرية نمساوية وفلاح مغمور

ماكينة العالم..

رحلة إلى المستقبل من قرية نمساوية وفلاح مغمور

بدل رفو المزوري

[email protected]

النمسا\غراتس

في رحلة شيقة وشتاء قارص بين جبال إقليم شتايامارك النمساوي  ومتاحفها التي تغفو على سفوحها الساحرة، وبين أحضان الطبيعة النمساوية القاهرة...قصة فلاح مغمور  يدعى (فرانس غسيلمان)أحب أن يصنع آلة العالم إشباعا لرغباته وحبه لهواياته ولكنه سجل تاريخا لنفسه وللنمسا ولقريته البسيطة.صنع آلة الزمن كي يسافر إلى المستقبل من خلال ماضيه المؤلم في زمن عاش حربين عالميتين وحياة الحقل القاسية.لقد كان الفضول يراودني أن أبحث عن آلة الزمن في إقليم شتايامارك. وبعد البحث عن قريته في الإقليم وأخيرا رأيت آلة الزمن  التي كان يزمع القروي البسيط أن يغزو العالم بها والآلة أشبه بقصص وأفلام الخيال العلمي وهي عبارة عن آلة كبيرة في صالة  وحيث المصابيح القديمة  تشع وحركة الأجهزة المعدنية والعجلات الكبيرة التي ترتكز عليها الآلة  والتي تعد أشبه بأعجوبة من قرننا الماضي ويقول عنه حفيده والذي يحمل اسمه أيضا(فرانس غسيلمان) والذي يشرف حالياً على الماكينة بأنه حين كان طفلا كان الزوار يزورون حقلنا بصورة كثيفة لمشاهدة آلة العالم وجدتي كانت الدليل السياحي للمجاميع. فقد كان جدي بدل أن يعمل في الحقل أسوة بالفلاحين الآخرين ،التجأ ليجمع المصابيح الضوئية  وحتى يوما ما ظلت القرية بدون ضوء من اجل صنع الآلة.

الفلاح فرانس غسيلمان..لم ينل شهادة تعليمية ولا مهنية في حياته ولكن الفضول كان يراوده من اجل صنع الأشياء والدهشة لا تفارق الزوار لرؤيتهم للآلة من الوهلة الأولى وبالرغم من صعوبة العثور على الأدوات الاحتياطية للآلة.

آلة العالم..قصة فلاح بسيط من قرية (كاغ) عند بلدة ايدلس باغ ،في إقليم شتايامارك النمساوي وكان حلم يراوده دوما بصنع ماكينة العالم. وفي عام 1958 شاهد صورة في صحيفة من المعرض العالمي للذرة في بروكسل،حينها اندهش مما رآه.  ووقتها يستقل القطار ليسافر إلى بروكسل وبعدها يرجع إلى حقله بفكرة قررها في طريق عودته بأنه سيصنع ماكينة العالم. وفي بداية الأمر أخفى أمر مشروعه وعمل سراً بمشروعه الذي يتكون من آلاف القطع المعدنية والفولاذ والعجلات والمصابيح الضوئية. وقد كان يجمع مواد مشروعه من سوق البالية(الهرج) للمواد القديمة ومن النفايات أيضا وبعدها كبر المشروع.

في عام 1970 كتبت الصحافة النمساوية عن هذا العمل الكبير من صنع فلاح فقير في إحدى قرى النمسا. ولم يتوقف الأمر عند ماكينة الزمن بل خلال 23 عاما تمكن أن يصنع دراجات هوائية وآلات تنظيف كهربائية ومروحات هوائية وأشياء كثيرة ونال جوائز عن أعماله. وفي عام 1981، وقبل وفاته بفترة قصيرة، كان علامة استفهام وصنع ماكينة العالم وكانت بالنسبة له حلم الحياة وللآخرين (حماقة).واليوم يقصدها الناس من النمسا وأوربا وقال عنه تلفزيون النمسا في تقرير خاص عن حياته وماكينة العالم بأن على الإنسان أن لا يشكك بقدراته بل يفكر بالتاريخ وبهذا ترك الفلاح البسيط فرانس هذا الإرث الإنساني .

ولد الفلاح فرانس غسيلمان عام 1910 من القرن الماضي. وبعد مرور مائة عام على ولادته فتحت أبواب الماكينة مجانا للزوار. وقد كتبت الصحافة النمساوية والأوربية بصورة مكثفة حول الماكينة وكذلك قنوات التلفزيون الأوربي وعرضت أفلاما وثائقية منها في قناة (ز د ف) الألماني وقناة بايرن الألمانية.  واليوم هناك جهات عديدة تمول هذه الماكينة من اجل إدامتها وان تظل أبوابها مفتوحة ومازالت في مكانها الأول في حقل الفلاح فرانس. ومن الجهات التي تمول ماكينة العالم:تلفزيون النمسا ـ شتايامارك،صحيفة كلاينى تسايتونغ،طاقة شتايامارك،رئيس إقليم شتايامارك،القسم الثقافي في حكومة الإقليم،بنك رايف آيسن. وأما الحفيد فرانس غسيلمان والسيدة ماريا غسيلمان فلهما الدور الكبير والسيدة ماريا تقوم بتنظيف الآلات والمصابيح بجنب عملها المنزلي،وكذلك تعمل دليلا للزوار وسياحة في عمق ماكينة الزمن. وبالرغم من صعوبة الحصول على الأدوات الاحتياطية إلا أن الماكينة تدور وتدور وستظل تدور كي يدور التاريخ معها هكذا يقولون أهالي القرية .

كتاب (غسيلمان.آلة العالم)يؤرشف حياة الفلاح الفقير فرانس  في 78 صفحة من الطباعة الفاخرة ويحتوي على طبيعة القرية  والزوار وذكريات وانطباعات حول فرانس وحوار معه ضمن رسائل الشاعر النمساوي الكبير (الفريد كولريتش)لعام 1985.بجانب حوارات أخرى مع صانع آلة الزمن. إلى جانب الماكينة تبيع العائلة للزوار بعض الأعمال اليدوية كهدايا تذكارية بآلة العالم.

زيارة وسياحة في جبال النمسا والفلاح النمساوي فرانس  دليل بأن الإنسان  هو العقل في كتابة الشئ والتاريخ ورحلتي لآلة العالم كي اكشف الماكينة لناسي وقرائي ولكن الماكينة اكتشفتني بأن أنقل لشعبي أنها من روائع العالم.