وتحققت نبوءتي.. مكان بين كتاب "الأخبار" 2

وتحققت نبوءتي..

مكان بين كتاب "الأخبار" (2 من 2)

بدر محمد بدر

[email protected]

وهذا هو نص مقالي قبل نحو خمس سنوات:"عاهدت الله سبحانه، منذ أن حملت أمانة القلم، قبل أكثر من ربع قرن، أن أكون أمينًا مع نفسي، متسقًا مع ضميري، متصالحًا مع وجداني، هموم أمتي فوق كل الهموم، ومصلحة وطني فوق كل المصالح، لا يهمني مكاني أو منصبي، المقدمة عندي كالمؤخرة سواء، المهم.. هل أقوم بواجبي أم لا؟.. هل أكتب لا يحركني شيء إلا حبي لهذا الدين وإيماني بهذه الأمة العظيمة، واعتزازي بهذا الوطن الحبيب؟

أخوض المعارك، وأصبر علي المحن، وأتململ في نومي وفي يقظتي من حال أمتي، لكن ضميري مستريح، وقلبي مطمئن، وعقلي متيقن من صحة هذا الطريق الذي أسير فيه.

أعشق الحرية منذ عرفت قيمتها خلف الأسوار قبل أكثر من ربع قرن، وأمقت التسلط والاستبداد، وأحب الموضوعية والأمانة والصدق، وأكره التعصب والمغالاة وضيق الأفق وانعدام الرؤية، وأؤمن بأن ما أكسبه سريعًا سوف أفقده سريعًا، وما أجتهد في تحصيله وأصبر علي متاعبه، سوف يحقق النجاح ويضيء المستقبل، لا يهم أن يعرفني الكثيرون، بل الأهم أن أقدم لهم أفضل ما عندي، وأن أجتهد قدر استطاعتي حتى يرزقني الله التوفيق.

أتلقي مكالمة من قارئ لا أعرفه، فتزيل عني الهموم والمتاعب، وتعطيني مزيدًا من الصبر والأمل والصمود، وأقرأ رسائل القراء فتقوّي إرادتي، وتنشّط عزيمتي.. وحسبي أن أكون عند ربي من المقبولين، العاملين لنصرة هذا الدين, الفائزين في الدار الآخرة، (يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتي الله بقلب سليم).

أحب الهدوء والسكينة، وأود لو كنت ممن ينطبق عليهم القول الجميل (إذا حضروا لم يُعرفوا، وإذا غابوا لم يُفتقدوا)، لا يغريني الترغيب، ولا يرهبني الترهيب، فقدري عند ربي لا يعلمه إلا هو، ورزقي في السماء لا يقدّره إلا الله وحده، وأجلي في كتاب محفوظ لا يتدخل فيه أحد، وأهلي وأولادي في رعاية الله وحده.

ومع صدور هذا العدد من (الأسرة العربية) يكون قد صدر منها 110 أعداد، علي مدي عامين وشهرين، وهي تجربة أعتز بها، رغم ما حملته من ضغوط ومرارات وأعباء فوق الطاقة، تحملتها ومعي عدد قليل من الزملاء والزميلات، كبار النفوس والهمم، عملوا معي رغم ضعف الإمكانات وقلة الموارد، بعضهم كان يتقاضي ربع راتبه وربما أقل، وأنا أترك المسئولية راضي النفس مرتاح الضمير، وأشكر زملائي وزميلاتي، كلا في تخصصه وموقعه علي ما قدموه من عون لإنجاح الجريدة، كما أشكر السيد رئيس مجلس الإدارة علي ما تحمله -منذ اليوم الأول- من ضغوط وأعباء سياسية وأمنية وحزبية ومادية، حتى ضاق بها ذرعًا.

أما أولئك الذين يتصورون أنهم حققوا إنجازًا، أو أخرسوا صوتا، أو كتموا نفسًا، فأقول لهم: لا تفرحوا كثيرًا، فمثلي مادام يملك حريته وقلمه وإرادته وعزيمته سيكمل رسالته، وسيتحمل أعباءها في اطمئنان وسعادة، وسيبذل ما في وسعه لينشر الخير والصدق، وسيبحث عن كل وسيلة تساعده في تحقيق هدفه ورسالته، وأعوان الخير كثيرون، وهذه الأمة العظيمة مليئة بالشرفاء المخلصين، القادرين علي مساعدتها للخروج من واقعها المأساوي، هؤلاء لا يخلوا منهم زمان ولا مكان..

إنني أرقب الفجر المقبل، وأراه قد أوشك علي الانبلاج، ربما هي ساعات أو أيام أو شهور، لكنها ليست أبعد من ذلك بإذن الله، ويومها سوف أكتب في ضوء النهار، وأتنفس هواء الحرية، وسنلتقي علي خير.. فلا أقول لأحبائي القراء وداعًا.. ولكن: إلى لقاء إن شاء الله".

وقد كان.