يعتقدون أن... إبادة الشعب السوري مسألة وقت

يعتقدون أن... إبادة الشعب السوري مسألة وقت

وينتظرون من بشار الأسد أن يرفع الحرج عنهم

زهير سالم*

[email protected]

حرب إبادة تشن على الشعب السوري منذ أحد عشر شهرا. قتل يومي ممنهج يسعى إلى غاية، ويسير إلى هدف. أحد عشر شهرا مرت بعشرة آلاف شهيد مثبتين، وأضعافهم من الشهداء المغيبين والمفقودين؛ دون أن يجد كل هذا أي رد فعل عملي من قريب أو بعيد على الأرض السورية.

ومع وجود الحاسبات الالكترونية الحديثة في أيدي الناس، يستطيع أي تلميذ في مدرسة ابتدائية أن يجري عملية حساب أولية، دون حاجة إلى التحليل والتركيب، وأن يعطيك نتيجة واضحة متى يمكن لنظام بشار أن يُفني كل السوريين في حرب الإبادة التي يشنها عليهم ويخرج من معركته منتصرا، ينتظره على الطرف الآخر من يريد لسورية رئيسا مكبلا بالإثم، غارقا في بحر الدماء....

 لا يستطيع حامل الحاسبة الالكترونية أن يأخذ في حسابه المفاجآت التي قد تدخل على الخط، فتسرع عملية الإبادة ، وتفني على عجل كل أبناء سورية بضربة قاضية كما يقولون ، كأن يلجأ بشار الأسد إلى استعمال بعض أنواع أسلحة الإبادة الجماعية الكيمائية أو البيولوجية، أو حتى بعض القذائف ( ... ) المحدودة التي قد تمرر إلى النظام من بعض دول المنطقة التي ما تزال تتمسك بنظام بشار. بالنسبة إلى لشعب السوري كل شيء متوقع من هذا النظام. ففي يقين البعض هنا وهناك أيضا أن سورية يمكن أن تبقى بدون مدينة أو مدينتين ولكنها لا يمكن أن تبقى بدون بشار. في التعليق على مجزرة حماة سنة 1982 كتب أحد الصحفيين الأمريكيين واصفا المأساة بكل شفافية ليعقب في النهاية: ...ولكن العالم بدون هؤلاء – يقصد القتلى – أصبح أجمل...!!!!

وكذلك لن يكون بمقدور حامل الحاسبة الالكترونية أن يتوقع مفاجآت من الطراز الآخر من عيار ( الانفجار الكبير ) . إن النظام الذي وضع المجتمع السوري في حالة ( الكتلة تحت الحرجة ) بمباركة دولية وإقليمية تاريخية، ربما يفاجأ في أي صباح بالانفجار الذي يذهب به وبداعميه..

ليس مهما كثيرا هذا الضجيج الإعلامي الذي يثار حول ما يلقاه الشعب السوري، بل لعله جزء من المشهد المضحك المبكي.إن ما يجري في مجلس الأمن هو صورة أخرى لتوزع الأدوار، وللعبة الأمم في محاصرة السوريين بطوفان القتل والدم. وتكريسهم شعبا برسم الإبادة، وتحت التطهير اليومي رجالا ونساء شيوخا وأطفالا..

هل يعقل ونحن في القرن الحادي والعشرين، أن تقوم عصابة من القراصنة بخطف دولة بحضارتها وأرضها وسكانها كما تخطف سفينة أو طائرة، ثم تعيث فيها فسادا فتهلك الحرث والنسل، ولمدة عام كامل دون أن يوجد على ظهر هذه المسكونة من يأخذ على يد هذه العصابة، وأن بضع حدا لجرائمها ؟! يضع خاطف سورية اليوم ( ركاب القارب أو الطائرة برسم التصفية والإبادة ) فيقتل منهم في كل ساعة خمسة أو ستة ركاب من الرجال والنساء والأطفال، على مدى عام يمر على المأساة  وفي العالم من يؤيد ومن يصفق ومن يستنكر ومن يسترجع ولكن ليس فيه من يتحرك وهاهنا مناط السؤال..!!

يختبئ العرب والعجم اليوم وراء فيتو هزيل في مجلس الأمن؟! لسنا بحاجة إلى أن نتذكر أو أن نذكّر بحالات كثيرة لم يكن فيها لمجلس الأمن دور في التخلص من أشخاص غير مرغوبين...

لقد حاصر السوريون العالم بدمائهم. ومر عام وهذا العالم يتلجلج في مواقفه، يختبئ وراء الفيتو تارة، ويفتعل بعض الضوضاء أخرى؛ ولكنه في حقيقة الأمر ينتظر من بشار الأسد أن ينهي المهمة فيرفع الحرج عنه.

لقد آن للسوريين أن يدركوا الحقيقة قبل أن يكتشفوا أنهم ممن قيل فيهم (( وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ..)).

               

    * مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية