وتحققت نبوءتي.. مكان بين كتاب "الأخبار" 1

وتحققت نبوءتي..

مكان بين كتاب "الأخبار" (1 من 2)

بدر محمد بدر

[email protected]

عشت حياتي المهنية محررا وكاتبا في صحف ومجلات الإخوان المسلمين، منذ أن تخرجت في كلية الإعلام قبل أكثر من ثلاثين عاما، ابتداء من مجلة "الدعوة" التي كان يصدرها الداعية الرباني الأستاذ عمر التلمساني، وانتهاء بجريدتي: "آفاق عربية" و"الأسرة العربية"، اللتين أغلقتا في 2006.

وبسبب هذا الاختيار تعرضت للكثير من الضغوط والأزمات والحرمان من العمل والكتابة، فقد أغلق نظام الرئيس السادات مجلة "الدعوة" في سبتمبر 1981، بعد أشهر قليلة من التحاقي بها، واعتقلتني الأجهزة الأمنية بسبب عملي في المجلة، لمدة عشرة أشهر في ليمان أبي زعبل، وعندما فكر الإخوان عام 83 في إصدار مجلة غير دورية تحت مسمى "البشير"، صادرتها أجهزة الأمن قبل أن تخرج من المطبعة، وقدمت الأستاذ التلمساني رحمه الله إلى النيابة، بتهمة مخالفة القانون!

وظلت القضية معروضة على القضاء حتى توفي الأستاذ التلمساني في مايو 86، وتم تعطيل مجلة "لواء الإسلام" الشهرية في عام 90 بعد حوالي أربع سنوات من محاربتها، وفي عام 93 لم يتحمل النظام صدور أكثر من خمسة أعداد من جريدة "الأسرة العربية" الأسبوعية، بعد أن شارك الإخوان في إصدارها والإشراف على تحريرها، فأغلقها بعد أقل من شهر ونصف، مثلما ضاق ذرعا بانطلاق وانتشار ومهنية وموضوعية وجرأة "آفاق عربية"، حتى أوقفها في مارس 2006.

وفي ذلك الوقت كنت أتولى إدارة تحرير "الأسرة العربية"، فتزايدت الضغوط على الجريدة من قبل جهاز أمن الدولة بصورة غير محتملة، حتى وجدت أنه من اللياقة ألا أحمل رئيس مجلس إدارتها الدكتور محمود ياسر رمضان نائب رئيس حزب الأحرار، فوق طاقته وهو الرجل الوطني الخلوق، فاعتذرت عن الاستمرار فيها حتى يهدأ جهاز الأمن ويعلن انتصاره، شاكرا له تحمله ومعاناته، وأنا أتململ من الغيظ من سياسة القهر والاستبداد التي يعيش فيها هذا الوطن الغالي الحبيب.

وفي العدد الأخير من "الأسرة العربية"، الذي صدر يوم 20 من نوفمبر 2006، أي قبل ثورة يناير بحوالي أربع سنوات فقط، كتبت مقالا بعنوان "لا أقول وداعا ولكن .." أرجو أن يتسع صدر القراء الأعزاء لمتابعته، فهو شهادة على مرحلة صعبة عانى فيها الجميع، كنت أؤمن تماما أنها سوف تنتهي، وأثق في أن فجر الحرية في هذا الوطن سوف يشرق لا محالة، ولم أشعر باليأس أو الهزيمة أبدا، رغم قسوة الأجواء الفاسدة وانتشار الهواء الملوث، فهذا الجو لا يمكن أن يستمر.

وها هي شمس الحرية تشرق بفضل الله من جديد بعد ثورة 25 يناير، لأكتب في وضح النهار، وأجد نفسي بعد سقوط النظام الفاسد بساعات قلائل أتصل بالصديق العزيز الأستاذ ياسر رزق رئيس تحرير الأخبار، لأسأله إن كان ممكنا أن أرسل له مقالا للنشر، وإذا به يرحب مشكورا بلا تردد، مع مطالبتي بإرسال صورة شخصية لي لتظهر مع المقال، وبعد أن أرسلت المقال الثاني أبلغني الأستاذ الكريم مؤمن خليفة، المشرف على صفحات الرأي، بأنه تم اختياري ضمن الكتاب الدائمين في "الأخبار".

واعتبرت أن هذا فضل من الله أولا وأخيرا، وتشريفا لي أن أكون ضمن هذه الباقة من الكتاب الأجلاء، وهذا هو مقالي رقم (51) الذي أوشكت به أن أتم العام الأول، وها أنذا أتنفس هواء الحرية، وأنشر في أوسع مساحة، وأتوجه إلى أكبر عدد من القراء الأعزاء، وهي فرصة لم تتح لي في أي وقت، وأسأل الله أن أكون مستحقا لها، فيارب لك الحمد والشكر.