كانت تلك الأيام لهم, فلنجعل ذكراها عليهم

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

بعد أيام قليلة , ولثلاثة عقود قد مضت في مجازر رهيبة قد حصلت , ذهب ضحيتها عشرات الألوف من أهلنا في حماة , وشرد أهلها في البلاد العربية والأجنبية , خرج بعدها حافظ الأسد المجرم بطل التحرير والقوة والصمود , فقد استطاع هو وجيشه تدمير مدينة حماة على رؤوس ساكنيها , وصمت العالم كله , عن هول المجزرة , وباركه العالم أجمع , القريب والبعيد المسلم والعربي والمسيحي واليهودي , ومعهم البوذيين , واستمرت تلك البركات والمباركات , وخرج بعد المجزرة المناضل الوحيد والذي يقف ضد العدو الصهيوني , وعندما فطس , كافأ مثواه النجس العالم , في توريث ابنه , وتمر السنين , وشهداء حماة , ينتظرون الثأر .

ورضخ الجميع للقتلة , وانبرى المنافقون من كل صوب ليجعلوا حافظ وبثار إلهين اثنين لاثالث لهما

 وكان الخامس عشر من آذر من السنة الماضية , هو بداية الثورة , وإعادة الكرامة , ومحاسبة المجرمين والقتلة .

إن كل الوقائع والمعطيات الداخلية والخارجية , تعطيك نتيجة واحدة , أن الثورة منتصرة , وبات النصر قريباً جداً بمشيئة الله تعالى .

بدأت الثورة بكتابة أطفال من درعا على حائط المدرسة (الشعب يريد اسقاط النظام ), القلوب مليئة , وعوامل الثورة موجودة كلها , وكأنها عبوة ناسفة جاهزة ينقصها الشرارة الصاعقة حتى تنفجر , وكانت تلك الشعارات وغباء الأمن والرئيس .

بدأت بعدد قليل من  درعا وانتقلت إلى اللاذقية , ومن ثم حمص وبعدها المدن الثائرة الآن

 يقف في الجانب الآخر قوة قل مثيلها معدة فقط لهذه اللحظة , والقوة بدون عقل يديرها , ستجابه حتماً بقوة أخرى وإن كانت ضعيفة بالمقارنة , ولكن يتحكم فيها العقل والمنطق , وبدأت القوة بدون العقل تخبط وترفس كالبغال , وبدون هدف , بينما القوة الأخرى اعتمدت على المراوغة , وتثبيت أقدامها , واستيعاب تلك القوة العمياء , فكانت الثورة في مدن بعينها , ثم انتقلت لتشمل أريافها , وعمت جميع المدن والمناطق والقرى , على مساحة الوطن .

العقلانية في التصرف من قبل الثورة , وأحقية المطالب والأهداف , والصبر الكبير على الرفسات البغلية , بدأت كفة الميزان ترجح رويداً رويداً لصالح الثورة , وبدأ التصدع في قوات السلطة , وتكون عند الثورة جيشاً جديداً هو الجيش الحر البطل .

وعلى المستوى الدولي , كانت الكلمات خجولة , والتعبير عن الجرائم ضد الانسانية المرتكبة من قبل السلطة المجرمة , كأنها غير موجودة , عندما كانت الثورة سلمية , ولكن عندما شاهد العالم أن هناك قوة صاعدة , حرة أبية , تحتكم إلى العقل والمنطق , وتمتلك الايمان والعزيمة , ولها رصيد شعبي لاينضب , تغيرت الكلمات وتغيرت التصريحات , واتجهت أصواتها المنددة والمحذرة وأحياناً المهددة , ضد العصابات السلطوية المجرمة , كانوا ينادون فقط للنصيحة للزمرة المافوية , عن الاصلاح , وأن يستخدموا عقولهم , ولكنهم والحمد لله ليس لهم عقول فوقعوا في غبائهم وتصرفاتهم , حتى يسقطون سقوطاً لارجعة لهم فيه أبداً .

وبالعودة لمجزرة حماة الرهيبة , فقد خذل الله الشعب السوري فيها ,عندما تركها الجميع تؤكل لوحدها , وأكل البقية بعدها ببطيء , وكما قيل في المثل (أكلت عندما أكل الثور الأبيض ) .

أما الآن فالوضع يختلف عن الماضي , فلا يئن جريح في درعا , إلا وتسمع له صدى في إدلب أقصى الشمال , ومن الدير في الشرق إلى اللاذقية في الغرب , ومن قلب الثورة حمص يتدفق دماء شرايينها لجارتها ولجميع المناطق , وإدلب الخضراء وجبلها الأشم يعانق الزبداني وابلودان ومضايا وكل ريف دمشق , سمكة على الشاطيء في بانياس , تسعفها الدير ودرعا وعامودا والبوكمال . فلم يؤكل الثور الأبيض ولا الأحمر , وإنما المسمى وحشاً سيكون تحت الأقدام .

وأرجو من الجميع , جميع الثوار في سورية , أن تكون ذكرى مجازر حماة , يوم الثورة العارمة والتي يسقطون فيها كل الطغاة والمجرمين والقتلة في الوطن الحبيب , فقد كان يوم شؤم على الشعب السوري , ويوم فرح ومسرة عند القتلة والمجرمين , وكما يقال (يوم لك ويوم عليك ) فقد كان في الماضي علينا , ولعل الله يمكننا من أن يكون ذلك اليوم القادم لنا وفيه نهاية المجرمين ؟