حاجة ملحّة للثورة

طه أبو حسين

نحن بحاجة إلى ثورة حقيقية ، لكن الثورة الحقيقية التي يجب أن تكون ،،، ليست على نظام ولا على مؤسسة ولا على أي شيء من شبيهاتها " مؤقتا " .

الثورة التي نحتاجها هي ثورة على عقولنا التي ترمي بنا إلى الهاوية والجحيم ، نحتاج إلى ثورة حقيقية حتى نعمل بما يسمى تهيئة كاملة لما نحن عليه " فورمات " .... نقول إسلام ونحن بعيدون عنه كل البعد ، نقول شيوعية ونحن لا نفقه منها شيئا ، نقول علمانية ولا صلة لنا بها ،،، للأسف ،،، مأساتنا تكمن بأننا لا نسير على خطى واضحة ،،، فلا منهجية تضبط خطواتنا ، ولا يوجد أي سقف فكري محدد نعود إليه كمرجع أساسي ، نحن نعيش على نظام "البركة" ، أو بما يقال في الأمثال الشعبية التي تزيد من فاعلية تثبيط العزيمة" المكتوب ما في منه مهروب "

هي مصيبتنا نبتكر الأمثال ونتشبث بها كأنها أقوال منزلة من الرحمن الرحيم ، نتبعها ولا نحاول تجاوزها ، أنا مسلم لكني لا أصلي رغم أن الصلاة عامود الدين ، أنا علماني لكني لا أؤمن بفصل السياسة عن الدين رغم أنها احدى أهم قواعد العلمانية ، أنا شيوعي لكني أبيح التملك الفردي ،،، أيّ منهجيّة تتبعها أيها العربي .... ؟؟؟!!!

نحن ومع الأسف لا منهجيه واضحة لنا ، نسير ولا ندري على ماذا نسير ، نضحك ولا نعرف لماذا نضحك ، نصفق لمن يدوسنا بأقدامه ، ونمجّد من يحتقرنا ، ونبكي لمن يفرح لنواكبنا ، وإن سألت أحدنا يجيب بصوت المنكسر " ما باليد حيلة " ... 

سيدي ، سيدتي ،،، نحن سبب كل ما يحدث لنا من مصائب ، نحن من يصمت ، ونحن من نمارس الانتهاك بحق من هو أضعفنا كما يمارس علينا من قبل من هو أقوى منّا ،ونحن أيضا من سمحنا بخلق "قانون الغاب" بيننا ...

أقول ... قبل أن يفكر أحد بالثورة على نظام أو على مؤسسة أو حتى على أي نظام فاسد مهما صغر حجمه أو كبر ، عليه أن يفكر كيف يثور على نفسه ، ليعيد تهيئتها ، ويعيد بناء نفسه ، ويرسم مبدأ ثابتا له ، حتى يتسنى له أن يقول ها أنا هنا ،،، ها أنا أعيش ،،، وغير ذلك أظن من العيب أن نقوم بثورة لا ندري إلى أين نصل فيها إن لم نكن نحن لا ندري على أي أساس نسير...

الحقيقة جدا موجعة ، ونكاد لا نستطيع هضم الانتقادات وكشف هويتنا الحقيقية ، فالعاطفة تأخذ مأخذها منّا دون أن ندري نهايتها ،،، قلت العاطفة ... نعم وقصدت العاطفة لا لأننا لا نحمل عقولا ، بل لأننا لا نغذي عقولنا بالمعرفة في شتّى المجالات ،فتبقى القلوب المتقلبة رائدة حياتنا طالما بقينا مقصرين في تغذية عقولنا بالأفكار السليمة التي ترتقي بنا حيث المجد والحرية .

ملاحظة :لا أعمم على الجميع لكن هي ظاهرة موجودة بيننا بأن لا منهجية واضحة نسير عليها ..