خبْط ... لزْق

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

فى بيتنا فأر(1)

كانت الساعة تقترب من الحادية عشرة مساء, وزوجتي في المطبخ تعد طعام العشاء, وفجأة ندّت منها صرخة رهيبة «فار.. فار».. وقفزتْ بكل ما تملك من قوة مغادرة المطبخ, وغلّقت الباب وراءها:

- ماذا جري ؟

- فار.. فار.. في حجم القطة.. دخل من شباك المطبخ.

- علي أية حال نتناول العشاء.. ولا تتركي أي طعام مكشوفًا .والصباح.. رباح.

 وأحكمنا إغلاق باب المطبخ إلي أن نستعد في الصباح لخوض المعركة مع هذا «المستوطن» الغريب. وفي الثانية صباحًا سمعت صوت خشب باب المطبخ كأنما يُقرض من الداخل. فلم أهتم للأمر. وفي الصباح فتحت باب المطبخ بحذر شديد خشية أن ينطلق الفأر من المطبخ إلي حجرات النوم فتكون كارثة.. فرأيت عجبًا.. سيادة الفأر «قرض» باب المطبخ من أسفله بطوله, وبارتفاع سنتيمتر واحد, وبعمق قرابة نصف سنتيمتر.. فأكل من الخشب ما أكل وترك أغلب ما قرضه في خط مستقيم.

 لابد من مصيدة.. والطُعم «بسطرمة», ولكن سيادته رفض دخولها علي مدي يومين.. واستخدمنا «اللاصق» القوي علي قطعة من الكرتون في وسطها قطعة من الجبن, ولا فائدة.. استعنّا بكل أنواع السم وخلطناه بجبن, ولحم, ولانشون.. ونثرناه في أماكن متفرقة من المطبخ.. ولا فائدة, ولكن العادة التي حافظ عليها الفأر.. هي «قرض» مزيد من باب المطبخ من أسفله..

 وبعد خمسة أيام لم يعد للفأر حس.. ماذا حدث? الله أعلم.. ومرت ثلاثة أيام لا حس ولا خبر.. وشعرنا بشيء من الطمأنينة.. وفي المساء دخلت زوجتي المطبخ لتعد طعام العشاء كالعادة. وفجأة سمعتها تصرخ: «الفار.. الفار» . ولكنها لم تغادر المطبخ هذه المرة.. لقد عثرت عليه ميتًا تحت القرص الأعلي لـ«البوتاجاز»..

عجيبة: لأول مرة أري فأرًا بهذا الحجم ولونه يميل إلي «البنفسجي», وهو يرقد بسلام علي جنبه الأيسر, وقد التف علي نفسه في شكل دائرة, وطرف ذيله في فمه.. وناديت البواب الذي رفعه.. وأنا أقول له: حلال عليك.. فالحصول عليه أسهل من الحصول علي اللحم السوداني.

تعليقات

- قال خبراء الفيران في تفسيرهم لتفضيل الفأر الخشب علي اللحم والبسطرمة: أصله فار «فأري». وبعضهم قال: أصله فار «نباتي».

- يُعتقد أن هذا الفأر كان ذا ميول أدبية لأنه كان مغرمًا «بقرض» الخشب.

- قيل إنه وضع طرف ذيله في فمه وهو يموت لأنه كان يعض «ذيل» الندم.

- كان الفأر في هيئة دائرة مغلقة لأنه أراد أن «يقفل الدايرة عليه» بمناسبة اقتراب موسم الانتخابات.

- يقال إنه كان من «الفيران السمان» ورحم الله رفعت المحجوب صاحب اصطلاح «القطط السمان».

- يقال إن الذي «سمّنه» أنه «هبر» مبلغًا ضخمًا من «فيدرال فأريشن بنك» وعمر الحرام ما ينفع.

- كان الفأر بنفسجي اللون.. وقابلته أرواح أجداده بأغنية «ليه يا بنفسج ؟ ».

-- -------------------------------

الجاسوس مصراتى (2)

 سلاح التجسس في كل صوره تستخدمه إسرائيل, بل يستخدمه الصهاينة قبل أن ينهبوا أرض فلسطين, ويقيموا عليها دولة الغدر والعدوان. هذه المعلومة أعرفها جيدًا, وقرأت عن حالات من التجسس الصهيوني غريبة كل الغرابة.

 ولكن الجديد الذي لم أكن أعرفه هو حكاية الجاسوس مصراتي, ولولا ما نشره عنه الأستاذان الفاضلان مختار نوح وجابر قميحة في الأسبوع الماضي لكنت -كما كنت- خالي الذهن جاهلاً كل شيء عن هذا الخنزير الذي استخدم للتجسس .كذلك ابنه وابنته التي كانت تستخدم الدعارة لنقل الإيدز للشباب المصري . كان ذلك سنة 1992. وذهلت حين قرأت أن «مصراتي» «بال» علي المحكمة واعتدي بالضرب علي الضابط المصري الذي أراد أن يوقف «دُشه» البولي الموجه .. وطبعًا أُفرج عنه وعن آله لسبب لا نعلمه.

تعليقات..

- ثبت أن جد مصراتي هذا من مدينة «بال», كما أنه يمت بصلة قرابة إلي «جون بول».

- أصر مصراتي أن ينُتدب للدفاع عنه محامي من «مصلحة المجاري» . قال أحد الظرفاء: ما تخافش : ما جاري عليك إلا كل خير.

- اقترح أحد الصحفيين الإسرائيليين علي دولته أن يكون شعارها «المبْولة» بدل النجمة تخليدًا لذكري معركة البول.

- ثبت من التحقيقات أن «مصراتي» أصلها «صُرَماتًي» وغيّر اسمه لزوم التجسس.

- وغلب عليه لقب «صرماتي» لأنه في شبابه كان يعمل «اسكافي» أي يصلح الأحذية المحزوبة. واسمه الأصلي في شهادة الميلاد «كوهين المجلد».

- في استراحة الجلسة طلب «مصراتي» «واحد قهوة إسكافيه».

- ثبت أن مصراتي كان بينه وبين والد عزام عزام «رباط» صداقة.

- سئل مصراتي: بعد عودتك إلي إسرائيل, ما مشروعك المستقبلي? فأجاب: لخدمة المواطنين سأنشيء مصنعًا «للبول المعلب».