انقراض المثقف القومجي

د. حمزة رستناوي

[email protected]

كان يا ما كان في حاضر العصر و الزمان صديق لي و مثقّف اسمه كنعان, صديقي كنعان يرفض تسمية ما يحدث حالياً في عالمنا العربي ب: ثورات الربيع العربي

و يصفها ب: مؤامرات الخريف الإمبريالي.

و العبارة  الأكثر تكرارا على لسانه هي : ثوّار الناتو .

و في آخر حوار بيننا: كان يبدي حساسية شديدة  من التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي بأي شكل كان, و تحت أي مسمّى و بغض النظر عن الأسباب.

و قد صارحني بأن ما يطلق عليه اسم "الثورة العربية الكبرى 1916" هو ليس ثورة بل مؤامرة انكليزية تمّت بالتعاون من خونة ليس أكثر, و أنه كان أحرى بالشريف حسين و "شهداء السادس من أيار"  أن يعتمدوا على قواهم الذاتية و لحمة الشعب العربي في تحرير بلادنا من الاستعمار العثماني.

و قد صارحني بأن الثورة التي قام بها أتاتورك عام لتوحيد تركيا و طرد الاستعمار البريطاني –الفرنسي الايطالي اليوناني عن تركيا هي ليست ثورة ,بل هي مؤامرة تمت بتسهيل روسي.

و كذلك صارحني بأن ما يطلق عليها اسم الثورة السورية الكبرى ليست ثورة بل هي صراع مصالح بين فرنسا و بريطانيا استخدمت فيه بريطانيا الثوار كوقود لمعاركها ,و كان يدلّل على رأيه بأن "أردن الحماية البريطانية" كانت تدعم ثوار جبل العرب و قد وفرت للسلطان الأطرش ملاذ و منفى عقب فشل ثورته.

و قد صارحني أيضاً  بأن ديغول أكبر خائن في تاريخ فرنسا, فهو قد تآمر مع البريطانيين و الأمريكان لتحرير بلاده من ألمانيا النازية , لقد حرض ديغول الخائن – حسب وصفه- القوات البريطانية الأمريكية على غزو بلاده فرنسا كما حدث في معركة إنزال النورماندي الشهيرة ,و قد كان من الأحرى للجنرال ديغول  الثقة بالشعب الفرنسي و قدرته على تحرير فرنسا من غير استقواء بالخارج .

من الواضح أن صديقي المثقف القومي كنعان قد أعاد تشكيل قناعته بشكل جذري حول الماضي و الحاضر  و كذلك نظرته إلى المستقبل.

و عقب ذلك الحوار الأخير مع صديقي المثقف كنعان, علمت بخبر وفاته من الجيران و إليكم قصة وفاته كما أخبرني جيرانه:

مرض كنعان و أصيب بحرارة و  وهن شديد شديد, فراجع الطبيب و وصف له الطبيب إبرة بالعضل, سأل كنعان:

- هل الإبرة جسم أجنبي ؟

-الطبيب: نعم

-كنعان: لن أستعين بجسم أجنبي على مرضي و سأشحذ همة الكريات البيضاء عندي و أستعين على المرض بالوحدة الوطنية و الوعي الثوري , فأنا أثق بجسمي.

و كان هذا وفقا لما أخبري الجيران و أكده – الطبيب لي فيما بعد- آخر كلام لصديقي المفكر ا كنعان

رحمك الله يا صديقي

                

*لنميّز بين القومي و القومجي.