رحلات مدرسية

نعرض عليكم موضوعين, الأول كتبه طالب مدرسة في إحدى الدول المتقدمة, بينما الثاني كتبه طالب سوري يحوي الكثير من المشاهد من وحي سوريا الأسد!

رحلة إلى أعماق البحار:

لقد تقرر و بالأغلبية أن تكون رحلتنا المدرسية ذات وجهة علمية, و أكملنا الاستعدادات من كاميرات و نوتات و انطلقنا في الصباح مع جمع من الخبراء الذين استعانت بهم مدرستنا من إحدى الجامعات لمرافقتنا و تزويدنا بالملاحظات و الشروحات, و كان الهدف هو إحدى المعارض العلمية التي تعنى بالبيئة و المقامة في المدينة المجاورة, و أخبرنا الأستاذ أننا سنستكشف أكبر نظام طبيعي على هذه الأرض من خلال مزيج مؤلف من عرض المقدرات العلمية والتقنية في عالم افتراضي مثير من المتعة والتجربة!

و صلنا في الصباح الباكر و كان الإزدحام شديدا, حيث علمنا أن عدد الزوار قد يتجاوز المليون, لم لا و هناك ما يزيد عن 100 مشارك من دول وشركات ومنظمات دولية في هذه المدينة الصغيرة التي تقع على شبه جزيرة, وارتفع شعار المعرض عند البوابة الرئيسية: المحيط الحي والساحل, موارد متنوعة ...

انقسم المعرض من خلال موضوعاته إلى ثلاث أقسام هي "الساحل" و"الحيز المرجاني" و"الكنز"  بأسلوب تثقيفي بديع حقا! حيث ستصحبنا آخر الوسائل التقنية في رحلتنا الإفتراضية من الساحل حتى أعماق البحر!

تعرفنا خلال الرحلة عن كثب على كثير من الموضوعات الممتعة كحماية الساحل، المبالغة في الصيد البحري، مرورا بآثار تغيرات المناخ على المحيطات، وصولا إلى إلقاء نظرة نحو المستقبل لوضع تصورات حول استثمار الموارد الموجودة في قاع المحيط بأسلوب منطقي غير ضار بالبيئة. كذلك عاينّا سفنا صديقة للبيئة، أنظمة إنذار مبكر من تسونامي، حدائق هواء في أعالي البحار لتوليد الطاقة من الرياح، محطات توليد الطاقة الكهربائية بالاستفادة من حركة المد والجزر, مسابر للبحث في أعماق البحار و غيرها كثير ...

كذلك تمتعنا بمشاهد الشواطئ على سواحل بحر الشمال و استعرضنا مناطق الكثبان الرملية الساحلية و حضرنا فيلما وثائقيا عن كيفية معيشة الناس هناك و في عدة سواحل حول العالم بالإضافة  إلى كبريات المرافئ العالمية حيث رأينا تحميل و تفريغ البضائع من السفن التجارية الضخمة.

في الحيز الثالث من الجناح و المسمى بالكنز, قمنا برحلة إلى أعماق البحار وإلى المستقبل! كانت رحلة استكشافية بأسلوب المحاكاة, حيث قمنا برحلة في مركبة أعماق البحار و قادتنا إلى العام 2050 وإلى ثلاث ورشات قائمة في أعماق البحر.

تعرفنا هناك على المخزون الكبير وعلى الإمكانات المستقبلية للاستفادة من كنوز قاع البحر واستخراج الخامات وهيدرات الميتان وغيرها من الموارد الطبيعية دون الإضرار بالبيئة. و اطلعنا كذلك على مشروع غواصة برعاية إحدى المعاهد العلمية حيث يقوم المعهد وبالتعاون مع 30 شريك من قطاعات الاقتصاد والبحث العلمي بتطوير تقنيات جديدة لاستخراج الغاز الطبيعي وهيدرات الميتان من أعماق البحار, وفي ذات الوقت تخزين أو دفن غاز ثاني أكسيد الكربون الناجم من محطات الطاقة والمنشآت الصناعية بشكل آمن وسليم تحت قاع المحيط!

كانت رحلة ممتعة حقا و عاد كلّ منا بسلّة أفكار و أحلام مستقبلية سنسعى لتحقيقها و النهوض بواقع البشرية إلى حال يسود فيه العدل و الإحسان جميع البلدان.

الموضوع الثاني بعنوان رحلة إلى عين ديوار و هو موضوع إنشاء "ساخر" كتبه تلميذ في الصف الخامس من مدرسةالدرباسية الموحدة في وصف رحلة قامت بها المدرسة إلى عين ديوار 

رحلة إلى عين ديوار

استيقظنا في الخامسة صباحاً وركضنا نحو باص "الهوب هوب" الواقف أمام باب المدرسة، وكان ملوناً وجميلاً وقد كُتب عليه "سكانيا يتكلم والفولفو يتألم". وكان التلاميذ يقفون في الطابور بانتظام منتظم وهم يصعدون إلى الباص، وكان الأستاذ يحمل عصا مصنوعة من قضيب الرمان أهداه إياها ابن مدير الناحية وكان كسلاناً ولكن ترتيبه كان الأول دائماً، وكان الشيخ خضر السائق يشطف الباص فكان التلميذ الذي يصعد يطرّش التلميذ الذي خلفه بالماء

ثم قال لنا الأستاذ "اجلسوا في الخلف" فجلسنا وقال لنا "تكتفوا" فتكتفنا، وجلس أصدقاء الأستاذ والآنسات في الأمام, وانطلق الباص.. فصفقنا جميعاً، فقال لنا الأستاذ "اخرسوا.. شو مفكرين حالكم بالطيارة؟". ووضع الشيخ خضر شريطاً للمطرب "صلاحو" وكان يغني أغنية كروانو وكان الباص يطير طيراناً

انزعج الأستاذ من أغنية كروانو وطلب تغيير الشريط ولكن الشيخ خضر لم يقبل فأخرج الأستاذ الشريط من المسجلة فانزعج الشيخ خضر وضرب "فريناً" قوياً فتوقف الباص وارتطمت رؤوسنا بالمساند الحديدية وسالت الدماء من أنوفنا ومسحناها بثيابنا وعاد الشيخ خضر بالباص إلى الدرباسية وكان الباص يطير طيراناً

أوقف الشيخ خضر الباص أمام باب منزله وشد حبل الزمور فخرجت زوجته أمينة وصنعتْ له إبريق شاي أكرك عجم، فجلس على الكرسي الصغير وهو يدخن سيجارة الحمراء الطويلة، وجاء أصدقاء الأستاذ وتوسلوا إلى الشيخ خضر أن يصعد إلى الباص ولكنه لم يقبل، وكانت زوجته أمينة واقفة بجانبه فخورة به، ثم جاءت الآنسات وطلبن منه أن يصعد كي نذهب إلى الرحلة فرفض أيضاً، ثم اعتذر منه الأستاذ وطلب منه أن يصعد كي نذهب إلى عين ديوار ولكن الشيخ خضر انزعج وقال "لن أذهب إلى عين ديوار إلا على جثتي" وتذكرنا جميعاً درس البطل يوسف العظمة ومعركة ميسلون

ثم جاءت الآنسة ريما وقالت له "أنت أحسن سائق في العالم.. هيا نذهب إلى عين ديوار من أجل التلاميذ" فنهض الشيخ خضر ورفس إبريق الشاي وصعد إلى الباص.. وانطلق الباص من جديد فقرصته الآنسة ريما من خده وقالت "شكراً يا خضر" فضحك الشيخ خضر ولمحنا سنه الذهبي ورمى شريط صلاحو من النافذة، وكان الباص يطير طيراناً.

وبدأ أستاذ الرياضيات يغني "كنا ستة على النبعة" وكنا نرد وراءه "أجا المحبوب صرنا سبعة"، وكان الأستاذ يصفق والآنسة ريما ترقص، وكان صديق الأستاذ دربكجياً بعد أن ظنناه أستاذاً، وشاهدنا المناظر الطبيعية على الطريق، وشاهدنا الأنهار الجميلة والينابيع، وشاهدنا الزهور التي على شكل ساعات، وشاهدنا الجبال الخضراء والسهول الجميلة، وشاهدنا البقرة التي تسابق القطار ولم نشاهد القطار، وشاهدنا السدود التي تمنع الفيضانات وتولد الكهرباء، وشاهدنا الفلاح النشيط وهو يطرد الإقطاعي البغيض، وشاهدنا الفلاح النشيط وهو يحرث بالمحراث الحديث والفلاح العادي يحرث بالمحراث القديم، وكان المحراث الحديث أفضل بكثير، وشاهدنا رئيس الجمعية يدافع عن الفلاحين، وشاهدنا الصهيوني الجبان يهرب من أمام الجندي العربي، وكان الباص يطير طيرانأ.

ثم وصلنا إلى عين ديوار فقال لنا الأستاذ "اجلسوا تحت شجرة التوت و تكتفوا ولا تتحركوا، أريدكم تلاميذ شاطرين فيالرحلة" وبدأ يلعب لعبة الغميضة مع أصدقائه والآنسات بينما كان الشيخ خضر يصنع الجمر لاركيلته وكنا نبكي ونسعل من الدخان ما عدا حمو ومامو لأن أبوهما قصّاب

ثم قمنا لنلعب بالكرة الطائرة و قسّمنا الأستاذ إلى ثلاث فرق, فريق خلف الأستاذ ليجلب الكرة، وفريق خلف فريق أعداء الأستاذ ليجلب الكرة، وفريق في المنتصف مكان الشباك، وكان الأستاذ يضرب الإرسال القوي فترتطم الكرة برؤوسنا وكان يقول لنا "وطّوا رؤوسكم يا بهايم"، ثم خسر الأستاذ فمزق الكرة وسمعنا صوت انفجارها العظيم...

و لما حان وقت إعداد الطعام, تقدّم حمو ومامو للشواء لأن أبوهم قصاب، وكان جاكو يغسل الصحون ورستم ينشفها، وكان ولاتو ينقل الصحون مع سلامو وشارو ويضعانها أمام الأستاذ وأصدقائه والآنسات، وقال لنا الأستاذ أخرجوا صندويشاتكم لأن اللحم يوسخ أيدي التلاميذ، فأخرجنا صندويشاتنا وبدأنا نأكل الزيت والزعتر وكان صندويشاً لذيذاً، وكان الأستاذ وأصدقاؤه يأكلون الشقف والكباب والشيش طاووس

ثم بدأ الأستاذ يصب الماء في الكؤوس حتى منتصفها ثم يصب الماء فوق الماء فيصبح حليباً، ثم شرب الأستاذ كأسين من الحليب وبدأ يغني "ليه يا بنفسج" ثم تشاجر مع اصحابه و قال لنا هيا اطلعوا على الباص...


وانطلق الباص من جديد، ولم يدق صديق الأستاذ على الدربكة، ولم ترقص الآنسة ريما، ولم يغن أستاذ الرياضيات, ولم نشاهد المناظر الطبيعية، ولا الأنهار ولم نشاهد السدود التي تولد الكهرباء وتمنع الفيضانات ولا الينابيع، وشاهدنا الإقطاعي البغيض يضرب الفلاح النشيط الذي كان يستنجد برئيس الجمعية ولكنه كان لا يردّ عليه، ولم نشاهد البقرة التي تسابق القطار ولم نشاهد القطار، ولم نشاهد الفلاح النشيط وهو يحرث على المحراث الحديث وكان المحراث القديم أفضل بكثير ولم نشاهد الجبال ولا البحيرات ولا السهول الخضراء، ولم نشاهد شيئاً.......... 

ثم عدنا مسرورين.....