وطني والعسكر والشعب

عبده مصطفى دسوقي

رئيس تحرير موقع ويكيبيديا الإخوان المسلمين (إخوان ويكي)

[email protected]

مصر منذ وجودها ولها مكانتها وسط المجتمعات، وبالرغم مما مرت به إلا أنها ما زالت ثابتة شامخة كوطن تلاحمت فيه معاني البطولة والتلاحم الاجتماعي والديني، ومع ما حيك لها من مؤامرات ودسائس إلا أنها ظلت دولة فتية في مكمونها الداخلي ولم يستطع احد النيل منها إلا وقد دحر وخرج منها مخذولا.

لقد تربص بها العدو على مر السنين وكان في كثير من الأوقات ما يساعده بعض أولاد الوطن الذين لم يرتبطوا بهذا الوطن ارتباطا روحيا لكن كانت مصالحهم الشخصية هي الغالبة على مصالح هذا الوطن ولذا سقطت في يدي المستعمر بسبب أمثال هؤلاء.

بل استمر هذا السيناريو لكن بأشكال أخرى سواء ثقافيا أو اقتصاديا أو سياسيا، حيث حاول المستعمر وهؤلاء على تجريد الوطن من هويته واجتثاث مكوناته وجعله نسخة من بلاد الغرب حلوه ومره، دون تمييز لما يتوافق مع هوية وطننا أو مكمون وطبيعة شعبه الشرقي المحافظ.

لقد سار البعض على هذا المنهج حتى بعد خروج المستعمر، فقد تبنوا وجه نظر المستعمر في تطبيقها على المجتمع كله حتى ولو بالقوة دون مراعاة لرؤية وطبيعة المجتمع كله، أو حرياته ورغباته وسلوكه حتى ظهرت من تتجرد من ملابسها كلها لتطلق عليها حرية شخصية، وأصبح من يسب الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته ويرفع شعار إهانة الدين ويعتبرها حرية شخصية، بل قريبا سنجد من يتجسس ويسلم أخبار الوطن للعدو ويعتبرها حرية شخصية.

لقد سيطر الفكر المتغرب على عقول كثير من أصحاب الفكر والمثقفين والذين يعيشون في برج عال بعيدين عن المجتمع ومشاكله ولا نسمع منهم إلا حناجر مرتفعة في الإعلام والصحف ويتشدقون بمشاكل الوطن دون معرفة شعب الوطن أو مشاكله إلا من خلال المتاجرة بهذه المشاكل.

وبعدما قامت ثورة 25 يناير والتي ضحى فيها كثير من الشعب المصري بأرواحه لكي يرفع عن هذا الشعب كاهل الذل والمهانة والتبعية للغرب وممارسته ما زال البعض يصر على أن يدور الوطن في فلك الغرب وسياسته والتشدق بالديمقراطية والتحول الديمقراطي، والشعب مصدر السلطات، والشعب صاحب الكلمة الأولى، لكننا وجدنا منذ انتهاء الثورة بعدما ضحت بالكثير من يتشدق بالديمقراطية التى يريدها هو وليست الديمقراطية المتعارف عليها والنابعة من قبل الشعب بحجة أن الشعب قاصر وغير مؤهل للتحول الديمقراطي وان ديمقراطيته ستأتي بالمتطرفين والمتشددين الإسلاميين، وأن الشعب ساذج ومن ثم لابد أن يكون عليه بعض الأوصياء يختار له ويفرض عليه رؤيته وما تراه هذه الفئة.

اللواء مختار الملا وتصريحاته

بعدما شهد العالم بالجولة الأولى من انتخابات مصر وإصرار الشعب الذي خرج من تلقاء نفسه ليقف بكل فئاته في طابور طويل ليدلى بصوته لمن يريد، ومن يراه في وجه نظره هو صالح ليمثله، وبعدما ظهرت النتيجة والتي تقول حولها بعض المثقفين وبعض العسكر أنها انتخابات لا تعبر عن الشعب المصري كله، وأخرها تصريحات اللواء مختار الملا والذي صرح بأن مجلس الشعب لا يمثل كل أطياف الوطن، ولا أدرى على أية أساس صرح وهو رجل مسئول عن وطن وعن ملايين من الشعب المصري؟ ولا ادري ما قيمة العشرة ملايين الذين خرجوا في ظل الاضطراب الأمني والتخويف والقلق والمطار ليقف في طابور من الصباح حتى المساء ليدلى بصوته لمن يريد حتى يخرج السيد اللواء ليقول أن مجلس الشعب لا يعبر عن كل الشعب المصري، ولا ادري هل سيكون تصريح السيد اللواء على نفس الصورة إذا كانت الانتخابات أتت بأغلبية منن العلمانيين واليساريين، أم أنه مسلسل محاولة انتزاع الديمقراطية من وجه نظرهم ونظر الغرب بالقوة وفرضها على الشعب.

ثم يصرح بأخر بأن لجنة الدستور لن تكون نابعة من ممثلي الشعب في مجلسه، لماذا هذه التصريحات التي لا تنم على مسئولية وتكاد تثير فتنة وسط المجتمع، لقد أعلنها المجلس العسكري أنه لا يرغب في السلطة ويريد ان يسلمها لمن يختاره الشعب، وهاهو الشعب انتفض وخرج في مشهد رائع عن بكرة أبيه ليقف في طوابير طويلة ليدلى بصوته لمن يشاء، كما خرج في مارس في مشهد رائع في استفتاء أعاد للشعب صوته بعد أن سلب على مدار عشرات السنين.

لكن ما زال العسكر يريدون أن ينتزعوا هذا الحق مرة أخرى وفرض وصايتهم عليه بحجة أنه لم ينضج الشعب حتى الآن ولا أدرى متى سينضج الشعب؟!!!!!!!!!!!!!

الأزهر الشريف ودوره

لقد غيب الأزهر منذ دخول الاستعمار وكان بعض من سار في فلك هذا المستعمر يستعدي المستعمر على مؤسسة الأزهر ليغيبها ويطمس دوره، ثم أكمل المهمة عسكر سيطروا على البلاد عام 1952م حينما أصبح الأزهر دوره لا يعدوا وظائف في الدولة وأصبح شيخ الأزهر بعد أن كان الإمام الأكبر يهز أركان الدنيا شرقها وغربها أصبح موظف يعزله رئيس الدولة ويعينه.

فلقد كان شيخ الأزهر بالرغم من وجود المستعمر فترة طويلة في مصر له دورة وحينما أراد الملك فؤاد نزع هذه السلطات وجعلها في يده فعزل الشيخ مصطفى المراغي عام 1935م وعين الشيخ الظاهري انتفض الزهر وطلابه وظلوا في حرب معه الملك ونظامه حتى عاد مرة أخرى الشيخ المراغي بعد هذه الانتفاضة بعام مرفوع على أعناق الأزهريين والذي عمل على تمكين دور الزهر.

وما موقف الشيخ عبد الحليم محمود ببعيد عنا حينما أراد الرئيس السادات إقرار القوانين الشخصية دون مراعاة لرأى الزهر حتى انتفض الشيخ وقدمن استقالته اعتراضا على ذلك المر ولم يعد حتى تحقق له مطالبة مما رفع من شأن الأزهر.

فالأزهر ليس مؤسسة ووظيفة لكنه شامة في جبين العالم الإسلامي منذ نشأته، ولابد أن يعمل شيخ الأزهر على رفع هذه الشامة ويجعلها مترفعة عن الدنايا، وما شيخ الأزهر بموظف لدي الحكومة ولكنه عالم يهز بعلمه أركان النظام، فلقد حرك العز بن عبد السلام الشعب بكلمة واحدة خلف قائدة قطز والذي استطاع أن يدحر جحافل التتار بفضل علماءه وشعبه.

فلابد أن يكون للأزهر دور في التصدي لمحولات التغريب وطمس الهوية، والمشاركة في القضايا الهامة التي تهم الوطن فلا يكتفي بالتصريحات وغيرها لكن لابد لعلمائه من دور فعال وسط هذه الأحداث، فما زال الأزهر وعلمائه هم القامة التي يتطلع لها الجميع في وجه من يحاولون عسكرة أو تغريب الوطن.

الشعب المصري الأصيل

لقد أثبت الشعب المصري انه شعب أصيل لا يتأثر بكل ما يأتيه من الغرب أو الشرق لكنه أثبت انه ما زال يحتفظ بأصالته وقيمه ومبادئه، وكما وقف صخرة عاتية في وجه المستعمر حينما أراد أن يطمس هوية هذا الشعب ويغير ثقافته عن طريق التعليم او الثقافة وغيرها من الوسائل طيلة أكثر من سبعين عاما  إلا أنه ما استطاع أن ينال من قيم هذا المجتمع.

كما انه الشعب الذي انتفض مؤخرا على الظلم وقدم الشهيد تلو الشهيد وضحى بكل شئ في سبيل نيل كرامته فلابد أن يقف في وجه من يحاول أن يرجع بالوطن إلى نقطة الصفر من فرض ديمقراطية الغرب الزائفة التي تجعلنا عبيدا للغرب كما كنا، أو طمس الهوية العامة للوطن، والعمل على نزع فتيل الفتنة بين كل طوائفه مسلمين وأقباط.

لابد للشعب أن يقف في وجه من يريد أن يسرق دوره في الانتخابات ويحاول أن يفرض عليه رأيه الشخصي أو رأى القلة التي تريد ديمقراطية مفصله على مقاس هؤلاء.

إن الميادين تشهد بجهود هذا الشعب ودوره الرائع بل إن الدول الغربية أصبحت تتباهى بحضارة الشعب المصري في ثورته وكيف استطاع أن يحصل على حريته من شدق الأفاعي فلا يحق لهذا الشعب أن يقف مكتوفي الأيد أمام من يحاول فرض الوصاية عليه.

إن مجلس الشعب هو المعبر الحقيقي عن رؤية هذا الشعب وهو من اختار من يمثله فلا يستطيع احد أن يلغى هذا التمثل بأيه حجة كان.

فالكل في الوطن شركاء لرفعته ونثق في وطنيه الجميع لأنهم من نسيج هذا الوطن سواء الجيش أو المسلمين أو الأقباط فالكل على قلب رجل واحد لكن إذا احترمنا رؤية وحرية الآخرين.