الأسد الأب ( يعظ ) ابنه بشار

عبد الله زنجير * /سوريا

[email protected]

يا ابني

عليك أن تستفيد من خبرتي و حكمتي ، فقد أقمت نظاما هو الأمتن في الشرق الأوسط ، و جعلت من سورية اللاعب الأفضل في السياسة الإقليمية و الدولية ، و مددت سلطاتي إلى لبنان و جعلت منه تابعا و أنموذجا قاصرا لما يسمونه : الحرية و الديمقراطية

يا ابني

أول قاعدة في سياسة والدك أن تعرف عدوك و تعرف كيف تناور معه ، و أخطر أنواع الأعداء هو ( الشعب ) فلا تأخذك فيه لائمة . اضحك في وجهه و العنه في قلبك ، ابتكر كل الوسائل لتجعله مستديما في سباته لا يستيقظ ولا يفكر ، وإذا ما بدأ يصحوا بادر بضربه على رأسه

يا ابني

جوع كلبك يتبعك و سمن كلبك يأكلك ، ولكي يبقى الشعب طائعا أذله و أفقره و أغرقه بالكماليات و المستهلكات ، ليبقى منشغلا بلقمة العيش و هم المعيشة عن السياسة و الإدارة و المستقبل . و أكبر خرافة في هذا العالم ( حقوق الإنسان ) فإياك أن تضلل بها فتفقد كل شيء تركته لك

يا ابني

منطقتنا منذ التاريخ منطقة صراعات ، و أشرف صراع يمكنك خوضه هو مع أطراف المعارضة و رؤوسها المعروفة و المجهولة ، فلا تصدق وطنيتهم و لا تطمئن لطروحاتهم ولا تلتفت لنصائحهم ، لأن همهم الوحيد الوصول للكرسي والحل الأضمن معهم هو الإلغاء ، مثلما فعلنا مع الإخوان المسلمين ، فاحذر من كلامهم المعسول و برامجهم المدمرة

يا ابني

الكذب ملح الرجال وفي سورية بالذات الكذب سفينة النجاة ، فاكذب و اكذب و اكذب ولا تمل من الكذب . اكذب على الداخل و الخارج و القريب و البعيد وحافظ على التوازنات التي أقمتها للحكم ، و اشتري الوقت بكل أنواع الوعود و العهود ، ثم ماطل بالتنفيذ و التسويف فإما أن يموت الملك أو ابن الملك أو حمار الملك

يا ابني

كن على حذر من العرب ومن الطائفة فهم يدسون السم في الدسم ، و جدنا الحمداني يقول : إذا خفت من أخوالي الروم مرة / تخوفت من أعمامي العرب أربعا ! و أنا أول ما اصطدمت بالعروبيين و الناصريين ، ثم بمحمد عمران و صلاح جديد وإبراهيم ماخوس و محمد حيدر و من بعدهم عمك رفعت

يا ابني

إلعب مثل البهلوان حتى حافة الهاوية واهرب للأمام دائما واخلط الأوراق جيدا ، خذ تفصيلة صغيرة في أمر ما و ناقشها بعمق لتظهر و كأنك محيط بكل القضايا عظيمها و حقيرها . واعلم أن الدم أرخص من ماء ( دريكيش ) وأن الكلام بدون جمرك ، و إياك أن تتورط بمواجهة مسلحة مع من هم أقوى منك

يا ابني

خياران لا ثالث لهما : البقاء أو الفناء .. ومن أجل البقاء والدوام الضرورات تبيح المحظورات ، و الضمير يجب أن يموت في المراحل القذرة التي تحتاج لتصرفات قذرة . و الناس فيما بعد ينسون أو يتناسون ، و مصالحك الآنية أولا و ثانيا و عاشرا ، و المبادئ هي الخادم الأمين للمصالح

يا ابني

الأجهزة الأمنية التي تعبت بصناعتها ، هي من يحفظ استقرار السلطة و البلد . عليك أن تتغاضى عن تجاوزاتهم و أن تتغابى في التعامل معهم ، واحرص على أن يبقوا متفرقين متشاحنين متدابرين متباغضين ، يتنافسون لمسح حذائك ، ولا تأمنن لأحد منهم أبدا

يا ابني

حكمنا فوق القانون و الدستور وفوق الأخلاق و الأعراف وأنت طبيب ثرثار كثير الكلام ، عليك أن تكون كتوما و مسيطرا على انفعالاتك ، وأن تحول نقاط ضعفك إلى نقاط قوة لك .. ادخل على الشعب من بوابة المسكنة و التواضع ، واستعمل الفضائل كمواد خام لخدمة أهدافك ولا تتهور بأي خطوة

يا ابني

كن عنيدا ، وارفع من الشعارات ما يعجب الناس و يعزز السلطة ، و أعطهم بعض ما تراه من تنازلات شريطة استمرار و تجدد سلطتك ، و عدهم بالأمنيات وصلاح الأحوال قريبا . ولا تأمنن لغير أمك و إخوتك و أخوالك ، فليس في السلطة أو للسلطة أصدقاء ، ومن تلاحظ بدايات أبقه انحره و انشر أنه انتحر - رحمه الله

يا ابني

أظهر حكمك و كأنه يحمي الأقليات و الطوائف ، رغم أننا من يحتمي بها ، و أظهر الصوت مجلجلا نحو فلسطين و الجولان و العدو الصهيوني ، دون السماح بطلقة واحدة تعكر صفو الجبهة ، واحذر من استفزاز المارد اليهودي أو الانزلاق لتبعات الحرب أو تبعات السلام

يا ابني

رجال الدين عقولهم صغيرة و قلوبهم صافية و تأثيرهم كبير على الناس ، فعليك مداراتهم و إطعامهم مرة في السنة !! و أن تشعرهم و كأن لهم كلمة و صولة ، ولا تصطدم مع جملتهم فيتحدوا عليك و يحشدوا أنصارهم ، ومن لم تعجبه طريقتنا فالزنزانة فارغة و المنفى ينتظر

يا ابني

نحن مع إيران مادامت معنا ومع كل أحد مادمنا نستفيد منه ، وكل العلاقات العالمية و القومية و الطائفية كمناديل الكلينكس ، وفي حال واجهتك ثورة فاستعمل أسلوبي في قمعها : لا قيمة لأرواح المتآمرين ولا قدسية لرموزهم ولا خطوط حمراء لتجريفهم ، و بعد العاصفة حمل ما جرى لأشخاص واطردهم من الوظيفة

يا ابني

كن أسدا على الضعيف و أرنبا مع القوي ، أفعى مع السياسي و حرباء مع الاقتصادي ، خنزيرا مع الغزلان و جرذا مع القطط ، ذئبا مع الأغنام و تيسا مع الأبقار ،  قردا مع الثعالب و ثعلبا مع القرود ، زنبارا مع النحل و نحلة مع الفراشات ، بومة مع المرحين و ببغاء مع المثقفين

يا ابني

انفذ من تنافضات الجماهير ، و فرق تسد . والحلال ما حل لك و الحرام ما صعب عليك ، وقل شيئا و افعل غيره واجعلني قبلتك في السراء والضراء ، واجعل من قبري مزارا للناس مثل مزار أبي لؤلؤة في إيران .. و أوصيك برفيقي معمر القذافي خيرا ، و بهذا سيدوم حكم الأسد للأبد.

                

*عضو رابطة أدباء الشام