وقفة مهمة في الحديث عن التعدد

د. إيمان مصطفى البُغَا

د. إيمان مصطفى البُغَا

 من سطحية التفكير عند البعض أن يدعو إلى سن قانون يقيد التعدد , وذلك بأن يكون لمريد التعدد أسباب واضحة للإقدام عليه , إن تقييد التعدد بأسباب أو حالات هو عين الجرح لكرامة المرأة , بل أكاد أجزم بأن ما يثير المرأة من التعدد هو خشية أن يشار إليها بأن فيها نقصاً أو عيباً إذا ارتبط زوجها بثانية .. إضافة إلى ما في ذلك من تدخل محرج في حياة الناس وظروفهم ..

 والله تعالى - الحكيم الذي يضع الأمور في مواضعها , ويعلم ما تصلح به الحياة - شرعه ولم يجعله مقيداً في حالات معينة أو مرتبطاً بأسباب محددة لأن في ذلك تدخلاً واضحاً في حياة البشر , وفضحاً لأسرارهم واختياراتهم وطبائعهم .. ولكنه بيّن حكمه : فالتعدد تعتريه الأحكام الخمسة , فقد يكون واجباً أو مباحاً أو مندوباً أو مكروهاً أو حراماً , وحالات ذلك مفصلة في كتب الفقه الإسلامي .. ثم بعد ذلك بيّن واجباته والتزاماته , وعلى من أراده أن يلتزم بها وإلا كان متعدياً لحدود الله , وكان ظالماً مثله مثل أي ظالم يجب أن يعاقبه القانون إضافة إلى سخط الله وعذابه , وترك الأمر بعد ذلك بناء على ما يختاره الأفراد , فلنترك البشر في حالهم , ولا نتدخل بحياتهم الخاصة , فهناك من يحتاج للزواج وهناك من لا يحتاج إليه , ولدينا من الرجال من يستحق عشر نساء , ومنهم من لا يستحق ظفر امرأة , ومنهم من لديه امرأة تساوي عشرة رجال وهو يساوي مائة , ومنهم ومنهم ومنهم ..

 وكم أتمنى الكف عن تناول الموضوع من الرجال وكأن كل رجل متفضل على زوجه إذا لم يقترن بثانية , وكذلك أتمنى من النساء الكف عن تناول هذا الموضوع وكأن ضرة كل واحدة منهن تقف على الباب ولو أنها لم تتزوج بعد , وأتمنى من بعض من تصدروا الدفاع عن حقوق المرأة : أتمنى منهم الكف عن تناوله وكأنهم أولياء أمر للرجال وللنساء أو وكأنهم سيجدون أذناً صاغية لما يقولونه , فمن سيعدد لن يأخذ رأيهم , ولن يفيده كلامهم بقدر ما يفيده حسن اختياره لزوجه وتقدير وضعه , ثم تقوى الله تعالى بعد ذلك , وكذلك بالنسبة للمرأة فإن رأيهم لن يفيدها بقدر ما يفيدها حسن اختيارها لزوجها , لأن من يظلمها بسبب اقترانه بأخرى ليست مشكلته معها في أنه تزوج بأخرى وإنما لأنها تزوجت من رجل لا يخاف الله .. ولن يصلح أمر هؤلاء كلهم إذا حادوا عن الطريق إلا قضاء عادل وسريع في تنفيذ شرع الله , فأصلحوا القضاء وخلاكم ذم .