دعوة للوحدة بين مصر والسودان وليبيا وتونس

دعوة للوحدة

بين مصر والسودان وليبيا وتونس

بدر محمد بدر

[email protected]

أشعر بحالة من الارتياح والتفاؤل للتطورات الأخيرة في عدد من بلدان الثورات العربية، ولدي اطمئنان وثقة بأن الله سبحانه لن يضيع تضحيات وصبر هذه الشعوب الأبية، سواء في تونس أو مصر أو ليبيا، أو حتى في اليمن وسوريا، وأعتقد أن القادم أفضل وأجمل بإذن الله.

وأقدم التهنئة للشعب الليبي الحر على نجاح ثورته، وتحرر إرادته، وهلاك طاغيته واسترداد حريته، وبداية انطلاقه نحو ترسيخ الحرية والديمقراطية والشفافية، وبناء الدولة الليبية العصرية الحديثة، على أسس العدل والمساواة واحترام حقوق وكرامة الإنسان، وأدعو الله أن يوفق المسئولين والقادة للانتقال السريع إلى مرحلة بناء الدولة والمؤسسات العامة، وإجراء انتخابات حرة في أقرب وقت، تكشف عن المكونات الحقيقية للشعب الليبي، الذي أثبت قدرته على التحدي وبناء دولته الحرة.

وهنيئا كذلك للشعب التونسي الحر، الذي افتتح ثورات الربيع العربي، امتلك إرادته وقراره بعد الثورة، ونجح في الأسبوع الماضي لأول مرة في إقامة انتخابات حرة ونزيهة، كشفت عن جانب كبير من أطياف الشعب التونسي، وفازت فيها حركة النهضة (المحظورة) ذات التوجه الإسلامي الوسطي، بأكثر من أربعين في المائة من مقاعد الهيئة التأسيسية، لتشارك بقوة مع سائر الاتجاهات والقوي السياسية، في صنع المستقبل المشرق لهذا البلد العزيز، وصياغة دستور يرفع من قيمة الإنسان.

لقد أعادت ثورات الربيع العربي من جديد حلم المواطن الحر في تحقيق الوحدة الشاملة والفاعلة بين الدول والشعوب العربية، وأحيت الأمل في أن يرى المواطن بلاده في وحدة حقيقية حتى ولو بدأت جزئية بين مجموعة من الدول، ثم تنمو بعد ذلك لتشمل بقية البلدان العربية والإسلامية.

وفي خطبة الجمعة (21/10) أطلق فقيه الأمة العلامة الكبير الدكتور يوسف القرضاوي الدعوة إلى تحقيق الوحدة بين بلدان الثورة: مصر وليبيا وتونس، وإقامة الدولة الإسلامية الديمقراطية، وإذا أضفنا السودان فإننا نتحدث عن ثروة بشرية تزيد عن 130 مليون نسمة، تمثل نحو 40% من تعداد الأمة العربية، ومساحة جغرافية تزيد عن 4.6 مليون كم مربع، تمثل نحو 30% من مساحتها، إضافة إلى وحدة الدين واللغة والتاريخ، وهي مؤشرات أساسية لنجاح الوحدة.

إن مصر تمتلك الطاقة البشرية والكفاءة العلمية والفنية، ولديها مشكلات في البطالة وقلة الدخل، والسودان تمتلك مساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة وفرص تنمية الثروة الحيوانية، ولديها مشكلات في البنية الأساسية والموارد المالية، وليبيا تمتلك المقدرة المالية وفرص التصنيع الهائلة، وتحتاج إلى الطاقة البشرية والخبرة العلمية والفنية من أجل إعادة بناء البنية الأساسية، ونقل الوطن كله إلى العصر الحديث، وتونس تمتلك الطاقة البشرية، وتحتاج إلى فرص العمل.

ولدينا من عوامل الوحدة السياسية، والتكامل الاقتصادي، والتواصل الثقافي والاجتماعي، والترابط الديني واللغوي والتاريخي، والتطلع إلى آفاق المستقبل، ما هو أكثر بكثير مما لدى دول الاتحاد الأوروبي، وعلى الشعوب العربية التي أثبتت قدرتها على الفعل أن تحمل هذا الأمل إلى قادتها، وأن تطالبها بالعمل الجدي والفوري، من أجل إتمام الوحدة على أسس متينة، وفق خطوات عملية واضحة.

لقد أصبحنا بعد الثورات العربية أحرارا في بلادنا وأوطاننا، نمتلك قرارنا ومقدراتنا ومصيرنا، ومن حقنا أن نصنع المستقبل الذي نتمناه بإرادتنا وعزيمتنا وإمكاناتنا، وأن نحلم بتحقيق كل ما نصبو إليه من استقرار وعدل وأمن ورفاهية وتقدم ونهضة، وأن نبذل جهدنا في بناء الحاضر والتأسيس للمستقبل، وإقامة العدل والمساواة، ورفع الظلم والمعاناة، ومحاربة الفساد والاستبداد، ولتكن وحدة مصر والسودان وليبيا وتونس هي إحدى الثمار الناضجة لهذا الربيع العربي المشرق.