الموصل مدينة التراث.. وأيقونة الحب

نايف عبوش

كانت الحلقة التي بثتها فضائية الموصلية،عن قرية السفينة رائعة جدا...وقد لاقت الحلقة استحسانا واسعا، من قبل المشاهدين في الديرة،وعموم المنطقة،مما يشجع على السعي لإعداد حلقات مماثلة، عن مناطق وقرى أخرى في المحافظة.. لتنشيط ثقافة الحفاظ على التراث،الذي تهدده المعاصرة،بوسائلها المتنوعة،وتقنياتها المتعددة، بفضائها المفتوح بالانقراض.ولعل التفكير بإعادة بث الحلقة، لما لاقته من هذا الاستحسان الواسع، أمر مفيد في هذا الجانب، وينمي لدى جمهور المتلقين ذائقة الحس التراثي.

ولابد من الإشارة في هذا الصدد.. إلى أن الموصل،شأنها شأن كل محافظات العراق العظيم، مدينة غنية بالموروث الشعبي.فهي أيقونة التراث بحق، وترنيمة الموروث الحضاري للجيل. فهناك في مركز المدينة، الكثير من معالم التراث القائمة،تطاول بكبريائها عوادي الزمن، وتلك التي اندثرت، واتى عليها الجدود العواثر، لكنها ظلت في الذاكرة المصلاوية الشعبية، حاضرة بقوة، لدي الجيل الذي عاصرها.. ومن ضمنها على  سبيل المثال لا الحصر، الإعدادية الشرقية، والمركزية، والإعدادية الغربية، اللواتي خرجت الكثير من الكتاب، والمفكرين، والمثقفين، والقادة.ويظل كباب الأربيلي الشهير، الذي كان يقع في مركز باب الطوب، مقابل علوة الحنطة،وكراج باصات الكيارة، وبقربه علوة الدجاج، التي خلدها الفنان الموصلي الكبير،الأستاذ نجيب يونس، بلوحة رائعة..وأخرى غيره كثير.. مثل باجة أبو مزاحم، ومطعم النهرين، وقلية السوق المعتم،من المعالم التي اندثرت،لكنها ظلت لصيقة بذاكرة الموصل، وتستحق تسليط الضوء عليها،والتوثيق.

لذلك ينبغي الالتفات إلى معالم الموصل المنقرضة منها، والقائمة، والمبادرة لإعداد مجلد مصور عنها.. بهدف التوثيق، قبل أن تأتي عليها عوادي الزمن بالكامل، ويطويها النسيان،برحيل المخضرمين من أهلها، ومن أطرافها، ممن عاصروها.. فنخسر بذلك الكثير من موروثنا الشعبي الموصلي.. الذي هو جزء من الشخصية الحضارية للموصل الحدباء.

ولعل الاستعانة بالمخضرمين من أهل المدينة،والأطراف، من الكتاب، والشعراء، والتراثيين، وأعمدة القوم، ومتحف التراث بجامعة الموصل، يضفي على التوثيق نكهة خاصة،ومزيدا من الروعة،حيث سيكونون من حسن التوفيق، شهود العصر الأحياء،لتلك الحقبة،من حياة المدينة،التي سيؤرخون بحديثهم عنها، حقيقة تلك المرحلة، بدون رتوش،وصولا إلى واقعها المعاصر، الزاهي بمعطيات التمدن والحداثة.