صديقي الثوري

قدري شوقت محمد الراعي

[email protected]

لي صديق ثوري ...

لم يفلح الزمان - علي وحشية تقلبه وقسوة تصاريفه- أن يعكر صفو علاقتي به .

ولكم يحلو لي أن أسعي إليه كلما سنحت لي الفرصة وأذن في أعماقي داعي القلب إلي الراحة

وداعي البصيرة إلي التأمل .

لكن ثوريته المشتعلة وقلبه المتقد كما ربيع الثورات العربية لا يلبثان أن يضرما النار في مشاعري

ويطوقا رغبتي النزاعة إلي السكينة والهدوء , ويسلما لقاءنا إلي موجات من الشد والجذب , والمد

والجزر علي شطآن حوارنا المشترك..!!

والحق أن صديقي ثوري حتي النخاع , ورغم تحفظاتي المهذبة إزاء غلوه الظاهر في انفعالاته

واخفاقه في الإحتفاظ بالحد الأدني من الذكاء الإجتماعي الذي يعينه علي اكتساب العلاقات الإنسانية

ومسايرة الأجواء الإجتماعية المتنوعة بسبب آرائه ومواقفه وقناعاته الشخصية .!

إلا أنني وعلي كل حال أحترم ثوريته لأنها نابعة من قلبه الرؤوم . نبيلة في سبيل الله , شريفة لوجه الله

طيب قلبه , بسيطة حاله...  لكن عقله يحبل في الصباح والمساء بالصراعات الجسام

ولئن كانت ظروفه الخاصة حالت بينه وبين الذهاب إلي ميدان التحرير في عز الثورة المصرية ضد النظام الفاسد وانتفاضة المصريين السلمية ضد سياسات الظلم والقمع والإفقار- الأمر الذي أسلمه فترة من الزمن

إلي الشعور بالحزن المرير والندم الكبير إلي الحد الذي دفعه مرة إلي القول وعيناه تلتمعان بالدمع:

إني لأشعر بالعار الكبير وأخشي حين يكبر ولداي يوماً فيقولان لي : لم لم تكن برفقة الثوار في ميدان التحرير  أبي؟!"-  غير أني رغم ذلك لا أشكك مطلقاً في ثوريته , فقد كان قريني زمناً طويلاً يحارب الظلم والظالمين

ويقول للغول في وجهه : أنت غول قميئ !!

لم تتغير قناعاته الشخصية , وأفكاره الثورية النبيلة التي تنطلق من قيمة إيمانية فطرية مفادها : " أن العمر واحد , والرب واحد , وما من شيئ يقع في ملك الله إلا بقدر الله "

قلت له يوماً ممازحاً : " هب أنك صرت يوما بإرادة الشعب رئيساً للشعب فماذا أنت صانع ؟؟!

فانتفض كمن لسعته " ناموسة " وقال لي : أستغفر الله يا أخي هل تحسبني دجالاً ؟!"

قلت مندهشاً :" وما علاقة هذا الكائن المُخرف برئيس الشعب ؟؟!"

فأجابني ضاحكاً :" العلاقة واضحة جدا يا ذكي , ألم تر أن الدجال بضاعته الأولي بيع الأوهام والنصب علي خلق الله صحواً أو نيام , ورئيس الدولة يبيع الرعية عقاقير الهلوسة ومسكنات الألم واكسسوارات التحمل وروشتات الوهم وتعويذات طلسمية ليقر في روعهم أن الحياة جميلة , والدنيا بمبي وكله تمام !

كما أن الدجال رجل ماكر يملك قدرات خاصة ويجيد اللعب بالبيضة والحجر ويلوح للناس في ثوب التدين

ورئيس الدولة لا شك هو رجل من عين هذا الطراز , مبدع في فنون الخداع الكلامي , ويتقن أحاييل السياسة

ويعرف كيف يصنع الأزمة ثم يتاجر بها ضحكاً علي ذقون الشعب .!

الدجال ينظر في كفيك و يقول لك : أيها المسكين غداً تموت بأزمة قلبية

ورئيس الدولة ينظر في أوراق خطبته ويقول لك : أيها المواطن غداً تعيش حياة كريمة في ظل حكمي !

وكلاهما كاذب ومخادع , وكلاهما منطلق في مذهبه كالحمار يحمل أبواق الوهم وينهق بما لا يدري !"

وعندئذٍ انخرطت في نوبة ضحك هستيري ولم أملك نفسي وأنا أسمعه يستعير لفظة الحمار لإرادة التشبيه

ولكنه سرعان ما أردف قائلاً :" ثم إن هناك يا صاح نقطة اتفاق أخري مشتركة يلتقي عندها (الدجال)

و(الرئيس) علي حدٍ سواء "

فقلت متخذاً هيئة الرجل الجاد :" وما هي ؟!"

فقال هامسا : " السخرة "

فقلت كأني لا أفهم : " نعم !؟ ..السخرة ؟!"

فقال مؤمناً :" أجل السخرة  ..كلاهما يا سيدي مُسخر لغيره .

الدجال يُسخر العفاريت ..!

والرئيس يُسخر الدستور ..!!

هززت رأسي مؤمناً علي كلامه , ثم بادرته متسائلاً :" وأيهما تراه أشد علي الشعب المخدوع عتياً؟"

فأجابني مبتسماً :" كلاهما مكير ينحدر من أصل عفريتي , بيد أن أولهما ضعيف يسهل السيطرة عليه

حيث لا يحتاج الأمر منك سوي الإستعاذة , أما الآخر فهو البلاء العظيم والمحنة الكبري وعقدة الشعب

التي لا تُفك وقيده الذي يطوق رقبته حتي يموت ..!!

الدستور ...أستغفر الله

إنه الكتاب المسطور بأقلام الشياطين , المكتوب بمداد الجن السفلي , وبودرة العفاريت ..!!

وضحكت ثانية ....

ثم عدت أقول له :" علي كل حال دعك من لعبة التشبيهات , فالأمر لا يحتاج إلي كل هذا التفلسف

لقد قلت لك  (هبْ)... يعني افرض .. تخيل نفسك رئيس جمهورية مصر ..فالمسألة كلها محض خيال

فقاطعني حازماً : "  هذا يكفي ..دعنا نكمل ذلك في حوارنا القادم ..اعذرني فلدي الآن  موعد هام   "

قالها مسرعاً , وانتصب واقفاً , ثم ودعني في أدب وانصرف

لكن ذلك كله (كوم) وما سوف أقوله لكم الآن عن صديقي الثوري (كوم) آخر ....

 ** شهادة ميلاده تقطع بأن لحظة ولادته جاءت متوافقة تماما مع لحظة ولادتي ..

      يوماً , وشهراً , وسنةً ..تصوروا ..!!

** ملفه الطبي يقول بأن فصيلة دمه يمكن أن تعطي لكل الفصائل , وهي نفس فصيلة الدم التي أحملها.!

** عام تخرجه في الجامعة هو نفس عام تخرجي..!

** سافر إلي دولة ليبيا في العام 2004 , وحط رحاله في مدينة "مصراتة" الجميلة , ويسرت له الأقدار

     علي أرضها فرصة العمل كمدرس بالقطاع الحكومي , فاستقر به المقام , وطاب له الزمان

     حتي جاء العام 2006  تم الإستغناء عن خدماته بقرار من السلطات الليبية , فغادر ليبيا , وقفل عائداً

     إلي مصر , ليبدأ أول خطوة له في رحلة حياة جديدة ...هي الزواج !

     والمدهش أن التأشيرات والأختام المدقوقة علي وريقات جواز سفري إلي ليبيا  , و"كرنيه" العمل الخاص 

     بي هناك , ووثيقة عقد زواجي ...كلها أوراق رسمية تؤكد تماثلنا في تواريخ الدخول والإقامة , ونوع     

      العمل , حتي تاريخ الزواج..!

** أأقول لكم ما هو أشد غرابة ودهشة : لقد فقد كلانا أمه في نفس اليوم والشهر والسنة ..!!1

     شيئ غريب ...أليس كذلك ؟!