وكلْناه إلى إيمانه

د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

وروى سعد بن أبي وقاص قال :

 اجتمع رهط عند رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فأعطاهم من المال والأنعام ما رضيتْ به نفوسهم ، وكانوا قريبي عهد بالإسلام .

 وكان في مجلسه  صلى الله عليه وسلم  رجل معروف بحسن الإيمان وكمال الإسلام فلم يعطه النبي  صلى الله عليه وسلم  ، فقلت في نفسي : إن هذا الرجل أحقُّ منهم بالعطاء ، وكنت أحسب أن العطاء على قدر التقوى ، وأن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  نسيَه ، فقلت : يا رسول الله هذا فلان إلى جانبك وأظنّه مؤمناُ صالحاً لم تعطِه ما أعطيتهم ، وهو أحق منهم بذلك . وسكتُّ أنتظر ما يفعله النبي  صلى الله عليه وسلم  .

فلما لم أره أعطاه شيئاً . . . قلت : لعله  صلى الله عليه وسلم  لم يسمعني ، وهذا المال يوزَّع وقد ينفَذُ ولا يأخذ الرجل شيئاً ، فعدتُ لمقالتي : يا رسول الله هذا فلان إلى جانبك وأظنّه مؤمناً صالحاً لم تعطه ما أعطيتهم وهو أحق منهم بذلك .

 لكنني لم أجد الرسول  صلى الله عليه وسلم  يجيبني أو يعطيه شيئاً ،

فتعجبت مما فعل رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وسكتُّ ، إلا أن معرفتي بالرجل وصفاته الحميدة غلبتني فعدت أذكّر الرسول  صلى الله عليه وسلم  به . . وهو عليه الصلاة والسلام يعطيهم ويزيد في إكرامهم دون أن يلتفت إلى هذا الرجل ، فسكتُّ ولم أنبس بعد ذلك ببنت شفة .

فلما فرغ رسول الله  صلى الله عليه وسلم  التفت إليَّ ثم قال : يا سعد ، ما أعطيتُهم ومنعته حباً بهم وتفضيلاً لهم عليه ، إنه أحبُّ إليَّ منهم وأقرب إلى نفسي إلا أنهم حديثو عهد بالإسلام ، ولمّا يدخل الإيمان في قلوبهم ، فأنا أتألفُهم ، وأرغّبهم فيه ، خشية أن يعودوا إلى الكفر فيكبهم الله في النار ، ووكلت ذلك الرجل إلى إيمانه ، إن من تمكن الإيمان في قلبه وحلَّ في سويدائه ، وذاق حلاوته استغنى به عن الدنيا وما فيها .

قلبٌ  به  الله لا  يحتاج  أُعطيةً                   فالله  أكرمه  بالدين  والتقوى

والمال يُهدى لتأليف الألى وهَنوا                  والمؤمن الحق في إيمانه أقوى ((1

               

(1) البيتان للمؤلف .