القرية المركزية النموذجية إحدى المرتكزات العمرانية في سوريا المستقبل

أعزائي القراء

سوريا الغد بعد التغيير لن تكون كسوريا اليوم فهناك تغيرات إجتماعية وإقتصادية وعمرانية ستطالها، وهذا يحتاج لدراسة متأنية تجمع كافة الاختصاصات العلمية لوضع برنامج التغيير. 

هكذا افهم اعادة الإعمار  ، اما محاولات النظام إقناع  الشعب السوري وحكومات العالم  بعزمه على الإعمار فما هي الا عمليات ترقيعية محاولاً عن طريق تصوير بعض الأفلام لمنطقة عائدة له مصحوبة بآليات وروافع  ثم عرضها على اقنيته الفضائية   ليقنع العالم من ان الإعمار قد بدأ بسوريا!!

استناداً لخبرتي في عالم الهندسة والتي بلغت ٤٥ عاماً وخدمتي في دول عربية واجنبية واختياري كأحد المهندسين الذين اشرفوا  عام ٢٠٠١على ازالة انقاض المركز التجاري العالمي في نيويورك بمساحة  تعادل 1,24 مليون متر مربع وفي اعادة الإشراف على تصميمه أهلتني هذه الخبرات للقيام  بدراسه أولية لمشاريع الأعمار في سوريا معتمداً ايضاً على دراسة تجارب بعض الدول التي اعادت بناء التجمعات السكنية على اسس جديدة لتؤمن الخدمات الضرورية لمجموعة من القرى إضافة لتخفيف الضغط  على سكان المدن المتخمة بالزحام والخدمات وذلك بالاستفادة من الخدمات التي تقدمها القرى المركزية النموذجية القريبة لمدنهم وبلداتهم وقراهم بسهولة ويسر.

وهذا يستدعى دراسة تخطيطية اوليه تضمن توفير الخدمات والمرافق العامة على كافة المستويات للتجمعات القروية, حيث من المفترض إقامة مجموعة من القرى المركزية النموذجية التى تتوسط مجموعات القرى المتقاربة والتى تكون فيما بينها وحدة تخطيطية متجانسة بحيث ينشأ حول كل منها قرية مركزية نموذجية.

إن إختيار المواقع اللازمة لإنشاء القرى المركزية النموذجية يخضع الى عدة عوامل هامة منها : 

أ ) توسط الموقع بالنسبة لمجموعة القرى التى سوف تخدمها القرية المركزية النموذجية وقربها من مركز المحافظة لتسهيل الخدمات لها سواء أكان هذا الموقع على أرض فضاء أو ينطبق مع قرية قائمة.

ب) صلاحية الموقع من حيث طبيعة التربة والتضاريس والطرق والمواد المستخدمة

جـ) وجود الموارد الطبيعية التى تساعد فى عملية التنمية الريفية مثل المياه والتربة والزراعة.

  يعتمد حجم القرية المركزية النموذجية على حجم الخدمات التى سوف تؤديها بالإضافة إلى حجم الأنشطة الإقتصادية التى سوف ترتبط معها ,الأمر الذى لا يمكن معه وضع حجم ثابت لمثل هذه القرى ومع ذلك فإن السعة الحدية للخدمات المركزية والمحلية بالقرية المركزية يرتبط بعدد سكانها ومن ناحية أخرى بإختلاف طبيعة الخدمات المركزية والمحلية بالقرية المركزية وهذه الجوانب العلمية لا يمكن تقديرها إلا بدراسة الخصائص الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية للتجمع الريفى الذى سوف تخدمه القرية المركزية النموذجية.

من واقع الخبرات التخطيطية المماثلة في دول غربية وعربية يمكن تحديد السعة الحدية لسكان القرية النموذجية وقد اجريت دراسة على قرية نموذجية  تعداد سكانها حوالي  ١٠٠٠٠ نسمة وعلى أساس ذلك يمكن تحديد الحاجة للخدمات المركزية والمحلية بالقرية المركزية النموذجية . 

تختلف متطلبات القرية عن المتطلبات المرادفة لها فى المدن  فى كثير من العناصر المميزة مثل الأسواق والإسكان والطرق وذلك تبعاً لما تفرضه البيئة الريفية من مميزات خاصة ، فالمحلات التجارية يمكن تواجدها أسفل المبانى السكنية المركزية كما أن الأمر يتطلب إقامة ساحة للسوق العام تكون هى فى نفس الوقت ساحة القرية عند المسجد الجامع في قلب القرية النابض ومن هذه الساحة يمكن الوصول إلى مبانى الخدمات العامة مثل مقر مجلس القرية ... ومركز الشرطة وكاتب العدل ومكتب الصحة والإرشاد الزراعى.

 أما الوحدات السكنية فتختلف فى تكوينها إذ يتطلب الأمر إقامة بعض الوحدات السكنية فى دور واحد أو إثنين أو ثلاثة أعلى المحلات التجارية للعاملين فى الخدمات المختلفة بمنطقة وسط القرية مع توفير الوحدات السكنية الأخرى المتلاصقة والتى تعتمد على الفناء الداخلي فى الإنارة والتهوية بالإضافة إلى أغراض المعيشة الخاصة التى يتميز بها المجتمع الريفى , ويمكن فى هذه الحالة التمييز بين الوحدات السكنية التى تخصص للموظفين والعاملين وتلك التى تخصص للعاملين فى التجارة والزراعة حيث تختلف المتطلبات المعيشية لكل من هذه الفئات الأمر الذى يجب مواجهته فى تصميم الوحدات السكنية على ضوء التكوين الإجتماعى والإقتصادى لسكان القرية.

 الإنتقال الداخلى فى القرية يعتمد إلى حد كبير على ممرات المشاه خاصة فى منطقة وسط القرية حيث المسجد الجامع وساحة السوق والمحلات التجارية التى تتفرع منه ، مع توفير الطابع الإسلامى والحضارى للقرية على أن يتم تسيير السيارات من خارج القرية إلى وسطها دون أن تعبر بطريق مرور المشاه فى مركز القرية.

المنشأت التعليمية يختلف تصميمها عن النماذج المتبعة بالمدن و إن كانت برامجها المعمارية تتشابه إلا فى حالة المدرسة الثانوية الفنية التى ترتبط برامجها التعليمية بالبيئة الريفية.. وبالمثل تختلف تصاميم المبانى العامة والأخرى لتصبح أكثر تكاملا وتقارباً خاصة عند مركز القرية حيث تكون مع المسجد مجموعة معمارية متكاملة.

تتطلب الظروف البيئية للمنطقة الريفية التى سوف تخدمها القرية المركزية النموذجية إنشاء مرفق خاص بالخدمات المتحركة للخدمة الصحية أو التعليمية أو البريدية ومثل هذا المرفق لا يتوفر فى المدن ، ويتطلب مثل هذا المرفق إنشاء قاعدة للإنطلاق منها على أساس نظام محدد لزيارة القرى التى تقع فى مجال القرية المركزية الأمر الذى يتطلب اسلوباً خاصاً بالتشغيل والصيانة.

التقديرات الأولية لعدد السكان :

١- يقدر عدد سكان القرية على اساس عدد العاملين فى الخدمات المركزية والمحلية وفى أى نشاطات إقتصادية أخرى مكملة ويمكن تقدير عدد السكان على اساس النوعيات التالية : 

العاملين فى حقل التعليم :

عدد ٣ مدارس إبتدائى 

عدد ٣ مدرسة متوسطة 

عدد ٢ مدرسة ثانوية فنية  

بسعة اجمالية ٣٠٠٠ طالب 

بإجمالي ٣٠٠ مدرس وموظف و مستخدم   

                                            

الخدمات العامة :

الخدمات الصحية ( المستوصف) يحتاج إلى حوالى ٥٠ عامل وموظف

المركز الثقافى يحتاج

إلى حوالى ٢٠  عامل  وموظف 

المركز الرياضى يحتاج 

 إلى حوالى ٢٠  عامل  وموظف

                 

  الخدمات الأدارية تحتاج

 إلى حوالى ٣٠ وموظف

  خدمات بريدية تحتاج

 إلى حوالى   ١٦ عامل وموظف

خدمات أمن تحتاج

إلى حوالى ١٠٠  وموظف

خدمات العدل تحتاج

إلى حوالي ٥٠ عامل وموظف

خدمات دينية تحتاج

 إلى حوالي ٥٠ عامل  وموظف

خدمات بلدية وقروية تحتاج 

إلى حوالى ٥٠ عامل وموظف 

المرافق العامة تحتاج

إلى حوالى  ٥٠ عامل وموظف

 السوق التجاري يحتاج 

إلى حوالى ١٠٠ عامل وموظف

المحلات التجارية(حوالي ٧٥ محل) وتحتاج إلى حوالى ١٥٠ عامل وموظف

 النشاط الصناعي ويحتاج

إلى حوالى ١٥٠ عامل وموظف

التشــييـد ويحتاج

إلى حوالى ١٥٠ عامل وموظف

أعمال الصيانة وتحتاج

إلى حوالى ٧٥ عامل وموظف

الزراعـــة وتقديرها تبعاً للأمكانيات المتاحة

 ٥٠٠ عامل وموظف 

فيكون عدد العاملين

 حوالي ٢٠٠٠

وإذا قدرنا متوسط حجم الأسرة فى القرية الجديدة بحوالى ٥ أفراد نظراً لطبيعة السكان الجدد فتكون المتطلبات السكنية فى المرحلة الاولى من مراحل التشييد حوالى  ٢٠٠٠ مسكن يمكن تقسيمهم إلى الأنماط التالية : 

الشقق السكنية  ١٥٠٠ وحدة سكنية للمساكن المنخفضة التكاليف طابقية 

الشقق السكنية   ٥٠٠ وحدة سكنية للمساكن المتوسطة التكاليف

التقديرات الأولية لتكاليف المشروع :

فضلت عدم الدخول في طريقة حساب مرافق القرية النموذجية وهي موجودة لدي  ولكن باختصار يمكن القول 

 ان التقديرات الأولية لتكاليف مثل هذه المشروعات يعتمد على عدة عوامل منها نوعية الإنشاءات ومواصفاتها ونوع المواد الداخلة بالتنفيذ  وموقع المشروع وطرق الإنشاء وطبيعة الأرض وكفاءة التخطيط والتصميم ويمكن وضع التقديرات الأولية للمشروع على  أساس المسطحات المطلوبة فى المنشاّت المختلفة مضافاً إليها المرافق العامة (الطرق والمياه والمجارى والكهرباء) وأعمال التشييد بالإضافة إلى متطلبات الإعاشة المؤقتة للجهاز القائم على التنفيذ والأدارة.

من واقع التقديرات العامة السابقة يمكن إعطاء الكلفة الإجمالية  للاستئناس لبناء القرية النموذجية بسعة  ١٠٠٠٠ نسمة  بحدود ٨٠-١٠٠ مليون دولار 

الخاتمة :

  يجب ملاحظة أن الدراسة المقدمة هى دراسة أولية ولم تبنى على أساس مشروع محدد فى منطقة محددة ، ولكنه تصور عام لمكونات القرية المركزية النموذجية وماتتطلبه من خدمات ومرافق

 وعلى هذا الأساس قدرت التكاليف كمؤشر لوضع الميزانيات اللازمة لمثل هذه المشروعات الإرشادية مع الأخذ بالأعتبار الزيادة المتوقعة فى الأسعار.

عند البدء فى دراسة هذه المشروعات لإنشاء القرى المركزية النموذجية يمكن دراسة الموقف فى صورة أكثر إرتباطاً بالخصائص التخطيطية السائدة فى كل منطقة وتحديد عددها في كل محافظة ، ويمكن بعد ذلك تعديل الميزانيات المخصصة لكل مشروع بالزيادة أو النقصان عن المبلغ الذى قدر بصفة عامة فى هذه الدراسة .

وسوم: العدد 854