هكذا استفادت حماس من الثورات العربية!

أحمد حسن

أمة بعضها من بعض ، معركتها واحدة ضد المحتلين والمستبدين والمنافقين ، ولقد جاءت حركة الشعوب العربية الزلزالية أواخر عام 2010 وأوائل 2011 لتظهر المعدن الأصيل لهذه الأمة واستعدادها اللامتناهي في التضحية والصبر والجهاد ، فلم يخشى ثوار تونس أو مصر أو ليبيا أو اليمن أو سورية وأخيرا العراق لم يخشوا الرصاص ولا التعذيب ولا القتل ولا الدمار ولقد كانت ملحمة ثوار سورية الشاهد  الأكبر على  قوة الشعوب حين تتمسك بحقوقها رغم عظم المؤامرة ورغم هول الإجرام الذي صب على السوريين الثائرين.

كان حجم المأساة السورية يؤشر إلى خطورة ارتباط العصابة الاسدية المصيري بالاحتلال الصهيوني وتكامل أدوارهما القذرة ضد المنطقة كلها.من اجل ذلك أعطيت المهل الدولية له وتم غض الطرف عنه على مدار أكثر من ثلاث سنوات ، ومن اجل الاحتلال نفسه حوربت جميع الثورات العربية وتم تأليب كل الفسدة والانقلابيين على طلائع الثوار الصادقين باسم محاربة الإرهاب إلى أن تم لهم مارادوا في مصر فاسقطوا السلطة الشرعية ولم يكتفوا بذلك بل تطاولوا على الأحرار في غزة في تناغم عز نظيره مع الصهاينة المحتلين ، وهنا أدركت حركة حماس ما يسعى إليه الصهاينة والقوى الدولية من مساعي لتوريط الانقلابيين بحرب ضد غزة فسارعت حماس إلى خطوة فاجأت العالم ألا وهي تقديم تنازلات هائلة تمثلت في تسليم السلطة في غزة لخصومها في ما يسمى اتفاق المصالحة وحكومة الوحدة الوطنية !

 خطوة من النادر أن نشاهد مثيلا لها في عالم يتكالب فيه الكثيرون على السلطة والمغانم والقوة والمال. حماس صاحبة الحق في الحكم والتي أثبتت كفاءة في كل المجالات قالت لمحمود عباس تعال وخذ كل شيء ! في وقت يصر فيه الفاسدون والمفسدون والمجرمون والقتلة في سورية والعراق وغيرهما على التشبث بالسلطة والكرسي. إنها الحركة الواثقة من نفسها ومن دينها ومن شعبها ولكن كيف استطاعت حماس التنازل هكذا وبسهولة ؟! لقد قرأت حماس دروس الثورات العربية وشاهدت كيف استطاع شعب قرر التحرر مبتدأ من تحت الصفر - حيث لم يكن الشعب السوري يمتلك شيئا يحمي فيه أبناؤه - استطاع امتلاك ولو جزءا من أسباب القوة يردع طغاة سورية ويستحوذون على أجزاء كبيرة من المدن والقرى والأراضي السورية . من اجل ذلك استسهلت قيادة حماس أن تتراجع وان تقدم  تنازلات لسلطة عباس وهو الأمر الذي اغضب الصهاينة الذين كانوا يتذرعون بحكم حركة حماس لقطاع غزة فيحاصروه ويقصفوه ويقتلوا أبناءه كلما أرادوا ذلك ، مدفوعون ومستجيبون لكارهين ومتواطئين وخائنين لحماس ، تنازلات ترفع حرجا عن حماس يتبدى بمد يدهها –مجبرة- لعصابة صفوية مجرمة لتسدد التزامات مالية تتعلق بمعيشة ما يقارب مليون شخص هم سكان قطاع غزة ! أما وقد تخلت حماس عن هذه المسؤولية والسلطة فان العلاقة مع تلك العصابة لا بد من أن تضعف  فكانت حرب غزة الأخيرة وكان القصف وكان التدمير وكان القتل ضد شعب غزة مترافقا مع القصف والتدمير والقتل الذي يقوم به عميلهم الأكبر بشار الأسد في سورية .

هو السلوك الراقي لحركة تعتبر نفسها خادمة لشعبها  وجزءا منه لا سيدة عليه وهي أساسا نشأت لتدافع عنه وتقاوم أعداؤه وهي المستعدة دوما لنصرته كلما لاح شر ضده.