قضاة الإعدامات

قضاة الإعدامات

خليل الجبالي

مستشار بالتحكيم الدولي

[email protected]

منذ أكثر من ثمانية أشهر كتبت في مقال لي بعنوان "قضاة أم جناة" هذه العبارة :

( إننا في أشد الإستغراب من البراءات التي يصدرها القضاء وخاصة القضايا التي قامت الثورة من أجلها، فهل يأتي اليوم الذي يحكم فيه القضاة ببطلان الثورة واعتبار الثوار خارجين علي القانون، وتكال لهم التهم التي كان مبارك وزبانيته يلصقها بهم ومنها: قلب نظام الحكم وتعطيل الأحكام والدستور؟ ) وهاقد تحقق ما نوهنا إليه.

واليوم نحن في أشد الإستغراب أيضاً من أحكام الإعدامات الجذافية التي تنال الشرفاء من مختلف فئات المجتمع .

فالقضاة أصبحوا أداة الإنقلاب، كسوط الجلاد علي ظهور الأبرياء في سجون العسكر ، لا يتورعون من أحد ، ولا يخافون الله في جبروته، ولا يستحون من هيئات أو مؤسسات حقوقية أو دولية، فالعالم عندهم أحد صنفان، إما جلاد مأجور مثلهم يرضا بما يفعله الإنقلابيون ، أو صامت يشاهد الأحداث بعين الجبن والقهر والمصلحة.

لن يدوم هذا المشهد طويلاً ، فسيفصل الله فيهم، وستكون العاقبة للمتقين ، وسيهزم الجمع ويولون الدبر، وعندها سيخسر هؤلاء القضاة دنياهم كما خسروا آخرتهم بدنيا غيرهم.

إن القضاة الشرفاء اليوم إما أنهم في غياهب السجون كالمستشار محمود الخضيري ، أومطرودون خارج البلاد حيث قال الإنقلابيون فيهم (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ )، أوأنهم قد كممت أفوههم بعد أن طردوا من منصة القضاة بجبروت الظالمين الإنقلابيين الذين لا يريدون أن ترفع للحق راية، أو يسمع له صوت.

إن  سعيد بن سويد قال في إحدى خطبه بحمص: ) أيها الناس إن للإسلام حائطاً منيعاً وباباً وثيقاً ، فحائطه الحق وبابه العدل ، ولا يزال الإسلام منيعاً ما اشتد السلطان، وليس شدة السلطان قتلاً بالسيف ولا ضرباً بالسوط ، ولكن قضاءٌ بالحق (.

ألا فقد إنهار حائط الحق وباب العدل من قبل قضاة اليوم فلا يصلحون لمكانهم بعد أن ضيعوا مكانتهم، فقد أصبحوا كالمشانق تعلق عليها رقاب الأبرياء ظلماً وبهتاناً، فلا نامت أعين الجبناء (الَذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ ولا يُصْلِحُونَ (152) سورة الشعراء.