مصر والصندوق الكاذب

د. بلال كمال رشيد

[email protected]

ما يحدث في مصر مهزلةٌ ، ولا يعقبُ المهزلةَ إلا مهازل أكثر قبحاً وبلاهةً ، وما  روّجهُ الإعلام المصريُّ ويُروجهُ من أجل تكوين رأيٍّ عامٍ جديد ، وفرض واقع جديد ، لم يكن إلا فضاء من خداع وكذب ، توهموه وصدقوه  وسعوا إليه ، وسرعان ما كشف انفعالُهم افتعالاتِهم ، وهم يجدون الصناديق تستجدي الناخبين ، فانفعلت الأبواق الإعلامية على كامل الفضائيات المصرية تستجدي الشعب للنزول وللأدلاء بأصواتٍ لنتيجة محسومة ، بل وجدوا انسحاباتٍ من هنا وهناك لم تخطر لهم على بال ، ولم يعدّوا لذلك أهزوجةً أو موّال ، بل وجدوا تصريحاتٍ لبعض رجالاتهم تكشف كذبهم وتزويرهم ، ووجدوا الخللَ في نِحَلهم ، كلُّ هذا ومعهم كلُّ شيء : جيوش مؤججة بالشعارات والأكاذيب من الجيش والشرطة والإعلام وبضعة ملايين من الشعب الأميِّ البسيط الذي يمكن أن يُستأجر لأيِّ عرس أو لأيِّ مأتم، ولسانُ حاله على الدوام : ( حاضر يا بيه)!!.

أيُّ حريةٍ يريدونها وهم  يؤصلون لثقافة العبيد؟!  

أيُّ حرية حريتهم وهم يعتدون على كلِّ نسمةٍ للرأي الأخر؟!

 أيُّ حريةٍ هذه التي تعادي حرية التفكير والرأي والتعبير ، و حرية الانتخاب أو الامتناع ؟!

ما هذا الإعلام المُسيسُ الموجه الفاتنُ الماجنُ الذي يريد الشعبَ مُتلقياً سلبياً لا يريد منه إلا أن يَسمع ما يُفرض عليه ، ولا يُشاهد إلا ما يُريه ، وأن لا يُقدم على أيِّ أمرٍ إلا بأمرٍ، يُريده شعباً يجتمعُ على قصعةٍ ويفترقُ على صفعةٍ !!!

أسفي على مصر التي تعج بالحياة وهي تقبض على الجمر ، أسفي على مصر وهي لا تنتصر للحق ولا للعقل ، وهي تُلدغ من الجُحْر ذاته وتعيشُ الجُرْحَ ذاته مئات المرات فكيف لها أن تبرأ وتشفى ؟؟!!!

لستُ متشائماً وإن كان الأمرُ يدعو للتشاؤم ، فالأملُ رغم الألمِ كبيرٌ ، وجموع الباطل وإن احتشدتْ وتآلفتْ على شأنٍ  حيناً من الدهر فإنها  ستختلف على شؤونٍ أخرى في أمد الدهر ، فلا تحسبنهم جميعاً فإن قلوبهم شتى ، وحبالهم تتقطع بنبالهم ، وما هذا التشتتُ الذي أصاب الإعلامَ المصريَّ أمام هذه الصناديق الخاوية إلا دلالة على غوايتهم وخواء فكرهم ، وأن الشعب المصريَّ لن يكون مُتلقياً ساذجاً ، بل سيُحكِّم عقلهُ ويقول رأيهُ أمام سلطانٍ جائرٍ أو أمام صندوقٍ  كاذبٍ !!